المقالات

طائفية متجددة وصحوة عراقية مرتقبة


رياض سعد

ان الحدث التاريخي غير منقطع عما قبله وما بعده بل يتسم بالاتصال والتواصل والاستمرارية فهو اشبه بعلاقات النتائج بالأسباب ؛ فما نعيشه الان من تشرذم وتخندق طائفي وعرقي يعتبر محصلة طبيعية لمقدمات تاريخية معروفة .

ومن الواضح ان اختلاف التركيبة العرقية بل والثقافية كبير جدا بين بعض مناطق بغداد وشمالها صعودا للشمال العراقي مع بعض المناطق السنية الغربية كالأنبار ؛ ناهيك عن الجنوب و الوسط العراقي , اذ كانت للسياسات الاستعمارية التي ادخلتها الادارة البريطانية ومن قبلها العثمانية للسيطرة التامة على مقدرات بلاد الرافدين ؛ اثارا سلبية على الوحدة الوطنية الحقيقية والانصهار في بوتقة المواطنة العراقية , اذ عمل المحتل العثماني والمستعمر الإنكليزي الخبيث على تمكين الغرباء والمرتزقة والمماليك والطارئين والوافدين قريبا الى العراق من الحكم والسلطة والنفوذ , بذريعة انهم من السنة او لانهم من الموالين للخلافة الاسلامية العثمانية وقتذاك ومن بعدها الاحتلال الانكليزي , واستعباد السكان العراقيين الأصليين واقصاءهم ؛علما ان سنة العراق لا يشكلون اغلبية على مر التاريخ العراقي – بواقعها العقدي الحالي - , وهم خليط غير متجانس عرقيا وثقافيا ولا يجمعهم شيء سوى طاعة الحكام و العدو المشترك الوهمي الذي رسخه المحتل المنكوس والمستعمر الخبيث في العقول العفنة الطائفية لهؤلاء الدخلاء والغرباء ( اللملوم ) , وقد انعكس هذا الفكر السياسي المنكوس على الواقع العراقي فيما بعد , اذ تم عزل الجنوب والوسط عن باقي العراق بل وصل الامر فيما بعد الى عزل المناطق التي يتواجد فيها الكرد – في العهد الصدامي - ؛ اذ لم تحظى هذه المناطق المعزولة بالعزل الطائفي والقومي والعرقي والثقافي باي اهتمام ذي بال من لدن الحكومات الطائفية المتعاقبة على حكم العراق منذ عام 1920 ولحين سقوط الصنم الطائفي عام 2003 , نعم هنالك اختلافات واستثناءات طفيفة بين حكومة واخرى ؛ الا انها كلها حكومات منكوسة عميلة بلا استثناء .

وهكذا اصبح الوضع العراقي القائم الموروث وضعا يصعب اصلاحه وتقوميه , فقد تعمقت المشاعر الطائفية والعنصرية , والشكول العدائية بين العراقيين ولاسيما بين الاصلاء والدخلاء , وكان يزيدها اشتعالا وضراوة الفرق البين في المستوى المعاشي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين الطرفين , اذ استأثرت بالثروات الوطنية والمناصب الحكومية العليا طائفة معينة وشريحة محددة احتكرت المقدرات الاقتصادية والاعلامية والثقافية والسياسية والادارية للبلاد ؛ وتركزت في بضع محافظات ومناطق يغلب عليها التسنن الذي طالما عملت السلطات الحكومية منذ القدم على توسيع نطاقه في العراق بالإغراء تارة والاكراه تارة اخرى الا انها لم تفلح في جعله مذهب الدولة الغالب .

ورغم أهمية العوامل الموضوعية في التعددية العراقية بل وضرورتها الحضارية ؛ الا ان الخلل في البنى الاقتصادية والسياسية والقانونية واهمال العدالة الاجتماعية وسرقات الفئة الهجينة المتكررة والمستمرة لثروات الجنوب والوسط وباقي مناطق العراق بشتى الحجج والذرائع ؛ أدى الى ما نحن عليه من صراعات مستمرة وازمات متكررة و ويلات متجددة وانتكاسات متعددة وفقر وحرمان ...الخ ؛ فالحركات السياسية والاجتماعية والثقافية المعارضة تنشأ في المناطق المهشمة والمحرومة والمبعدة عن سدة ادارة الدولة .

ومن هنا كان لزاما على احرار العراق وابناء الامة العراقية الغيارى القيام بدورهم الرسالي التاريخي المرتقب من اجل تخليص العراق والاجيال العراقية القادمة من هذه العفن الفكري والعنصري والقذارة الطائفية التي يجملها هؤلاء المنكوسون باعين الحمقى والاغبياء والسذج من ابناء الامة العراقية- لكي يرجعوا عقارب الساعة الى الوراء و يبقى الحال على ما هو عليه سابقا - .

 

فلابد لأحرار الامة العراقية من تصحيح الاوضاع القائمة بما يحقق العدل والسلام والازدهار والتنمية ويجمع شتات الامة العراقية تحت راية العراق العظيم , وقطع ايدي الاستعمار وقوى الاستكبار والخونة والعملاء والمنكوسين , وطرد ابالسة ومجرمي الفئة الهجينة , واسترجاع كافة حقوق الشعب المسلوبة والمهدورة وباثر رجعي منذ تأسيس الحكومة العراقية المنكوسة عام 1920 والى يومنا الحاضر .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك