المقالات

 "متطوع" في الحشد الشعبي..!


"                                           

 

مهند حسين ||

 

لم يكُن يعرف إنه سيولد في بلد إسمهُ العراق، ولم يكُن يَعلم إنه سيكون مُنقذ البلاد، عاش حياةً مِلؤها الجِد بالعمل والإخلاص  في الجهاد، كانَ شديد الأهتمام بالجوانب العلمية والعملية، فكل شيء حوله كان يضع له معنى وأهمية، حتى خصومه كان يشهدون له بقوةِ شخصيتهِ وشجاعتهِ ونزاهتهِ..

 كانت البصرة الفيحاء حبيبته ومصدر طاقته، فهي التي شهدت ولادته ونشأته، وكانت بغداد حلمهُ وأمله، والتي لطالما كانت تحمل ذكريات دراسته وتخرجه، ورغم إنه كان مُميزاً  وناجحاً في دراسته ألا إنه لم يكن مرتاحاً في مسيرةِ حياته؛ لأن هموم العراق كانت لا تُفارق قلبه.

 وحين تخرج بصفةِ مهندسٍ مدني من جامعته، قرر ترجمةَ ما تعلمهُ من دراسته لبناءِ مستقبلٍ جديدٍ يليقُ بحجم العراق وشعبه، لكن ذلك الطموح وتلك الأماني أصطدمت بواقعٍ مرير تَمثّل بسلطةِ البعث الكافر وزبانيته ، التي كانت تُحارب الشباب المثقف الواعي وتُعرقل مسيرة أعماله، بل كانت تلك الزُمر البعثية؛ تُلاحق أولئك الشباب وتودعهم السجون، بسبب ألتزامهم الديني وتميزهم العلمي؛ الأمر الذي أجبر الكثير من الطاقات العلمية الشبابية الهجرة خارج العراق، وكان جمال جعفر واحداً من أولئك الشباب الذين هاجروا بسبب تلك المضايقات.

 لكن أمل العودة كان يراودهُ وبالفعل، عاد بعد زوال الزُمر البعثية التي حكمت البلاد بالنار والحديد، عاد بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة، عاد وأمل بناء مستقبل البلاد مايزال يُراوده، لكنه أنصدم من جديد بواقعٍ آخر أسمهُ الأحتلال، هذا الأحتلال الذي عاث في الأرض فساداً، وسلب خيرات البلاد، وحَوّل العراق الى بلدٍ مسلوب الإرادة مُنتهَك السيادة، تَلعبُ فيه بساطيل القوات الأجنبية المحتلة بشكل عبثي مُمنهج.

 لذلك كان لِزاماً على جمال جعفر تَحمُل المسؤلية للخلاص من هذا الأحتلال البغيض، فسلكَ مع رفاق دربهِ خط المقاومة لذلك الإحتلال ودمّر أرتالهم العسكرية، وضرب مصالحهم الأستعمارية، حتى أجبرهم على الأنسحاب من العراق في نهاية عام 2011، وكان هذا النصر نصراً حقيقياً، أثبت للعالم صحة نظرية المفكر العظيم؛ السيد الشهيد محمد باقر الصدر، التي تقول "إن الشعوب أقوى من الطغاة"، لاسيما وإن جمال جعفر كان من تلامذة تلك المثابة الكبرى في تاريخ الإسلام.

ولم تَمر إلا سنين قليلة؛ حتى داهم العراق خطراً جديد أسمه داعش التكفيري، حيث بلغت القلوب الحناجر، فهرب من هرب وفرَّ من فر، بحيث أصبحت مطارات البلاد؛ مكتظة بأتجاهٍ واحد وهو الخروج، ولم يكن هنالك من يفكر بدخول العراق أو البقاء فيه؛ إلا من أمتحن الله قلبه للإيمان.

 فكان قاسم سليماني والمستشارين الإيرانيين واللبنانيين هم الداخلين الوحيدين للعراق في الوقت الذي قَلَّ فيه الناصر وأنعدم فيه الصديق، فسار جمال جعفر وقاسم سليماني وبقية الأخوة المستشارين، في حرب كان عتادها فتوى السيد علي السيستاني وزخم الشعب العراقي، فتحقق النصر الذي وعدنا الله به؛ على يدِ شعبنا الواعي.

 لكن هذا النصر لم يكن يروق لقوى الأستكبار العالمي التي عادت لتدخل الى العراق من الشباك بذريعة وجود عصابات داعش، وما هي إلا أشهرٍ معدودة من إعلان الحكومة العراقية بيان النصر حتى عادت الطائرات الأجنبية المحتلة بأنتهاك سيادة العراق لتقوم بضربة جوية أستهدفت فيها من صنع بذلك النصر (قاسم سليماني وجمال جعفر ورفاقهما) ليُعلن ترامب الأحمق وبشكل واضح، إنه أغتال من أفشل مخططات القوات الأميركية، وهم قادة الحشد الشعبي.

 لذلك وصفتهم المرجعية العليا في خطبتها المشهورة صبيحة استشهادهم يوم الجمعة 3 كانون الثاني 2020 "شهداء قادة الأنتصارات" وتكون شهادة جمال جعفر موثقة بصفة (متطوع في الحشد الشعبي)                                               

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك