المقالات

خُلقوا لزمان غيرَ زمانكم


إيمان عبدالرحمن الدشتي

كم هو سعيد من يرزق بأولاد صالحين، والأسعد منه من كان أبواه صالحين فيكونان سببا لصلاحه وسعادته.

يقال ان لكل قاعدة إستثناء، وإن ما يعنينا هو تطبيق القاعدة التربوية على أرض الواقع، وبذل قصارى الجهود لانجاحها، ثم إذا ما حصل إستثناء وشذوذ عن القاعدة فهو خاضع لتقدير الله عز وجل. 

أتى رجل يوما لمولانا الصادق عليه السلام  وأراد من الإمام أن يعلمه كيف يربي إبنه، فسأله مولانا عليه السلام: وكم عمره؟، فأجابه: إنه مايزال في بطن أمه، فقال عليه السلام: لقد تأخرت كثيرا!، وكان عليه السلام يقصد أن بداية التربية تكمن في إختيار الأم، فاختيار الشريك الكفؤ وعلى حد سواء بالنسبة للمرأة والرجل هو الخطوة الاولى في الإتجاه الصحيح، وما روي عن خطبة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لمولاتنا أم البنين عليها السلام لهو أبلغ درس في حسن إختيار شريك الحياة، ولتحصيل بيئة ملائمة لإنجاب أولاد بررة.

إذا ما أتينا الى المفهوم المتعارف للتربية فإن فيها بعدين، احدهما شخصي والآخر عام وهو المفهوم الأوسع والأشمل، ففي المفهوم الشخصي نجد أن حاجة الإنسان الى ولد يعينه عند كبر سنه وخور قواه الصحية والجسمانية، يحتم عليه ان يحسن التعامل مع إبنه علًّه يحظى ببره عندما يكبر وهذا بحد ذاته أمر حسن.

أما البعد الآخر والذي يندرج تحته البعد الأول أيضا لأنه كما قلنا الأعم والاكثر إجمالا، فعلى الوالدين تغذية الأولاد بالاصول الصحيحة للدين والعقيدة والأخلاق والمثل والمبادئ والقيم، وإبعادهم عن كل انحراف تلحقه الحياة بكل ما تقدم من خلال التوجيه والمتابعة. فما أكثر الانحرافات الدينية والعقائدية والأخلاقية في يومنا هذا، والتي تنبؤنا الأحداث أنها قابلة بالمزيد، وهذا ما يفرض على الأبوين جهودا مضاعفة في صون الأولاد ومراقبتهم وتوجيههم، ولا توكل المهمة الى احدهما دون الآخر فدورهما في حياة الأولاد محوري وتكاملي، فلا يقتصر دور الأم على العاطفة والحنان بل يتعداه الى التربية والتعليم والتثقيف والتوجيه، ولا ينتهي دور الأب (عند عودته من طلب الرزق لهم) عند باب الدار كما يعتقده كثير من الآباء، فدوره داخل الدار أكبر فعالية وأبلغ قيمة لتغذية قلوبهم الفتية وعقولهم العطشى للنضوج الفكري، كالثمار عندما تغرس فإنها تحتاج الى عناية واهتمام ومتابعة حتى تينع.

 وقد اختصر مولانا الإمام زين العابدين «عليه السلام» حق الولد في بضع كلمات كما وردت في رسالة الحقوق: (وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم انّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وإنّك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه)، فحديث الإمام عليه السلام هذا خطة عمل متكاملة ان طُبقت فستكون نتائجها مذهلة، وليكن الهدف الأسمى هو إعداد جيل رسالي مهدوي، غير متأثر بالثقافات الدخيلة ومستنكرا ورافضا لها، بل مؤثرا في إشاعة الثقافة المهدوية من منابعها الأصيلة والرصينة، والانتظار الفاعل من خلال التمهيد بالالتزام الأخلاقي والعقائدي، وإعداد العدة لنصرة قائم آل محمد عجل الله فرجه الشريف.

فالحياة معترك الثقافات وحلبة صراع الميول والرغبات وساحة تنافس بين القوي والضعيف، وبين الأفكار البنّاءة والهدامة، ومن لم يُعد اولاده للمواجهة ولم يُسلحهم بالتربية السليمة، فإنه سيتجرع الخسارة بكأس الإهمال والتضييع.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك