المقالات

اصحاب الهمم، والعدالة الاجتماعية


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

في كل عام يمر اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، حاملا الينا صيحات وصرخات المعاقين، باثين عبرها همومهم ومعاناتهم، من دون ان يصغي اليهم احد، وقد يكون الليل وحده هو من يردد صدى تلك الصرخات المشحونة بالالم، اذ مازلنا نجهل نسبة ماتشكله هذه الشريحة في المجتمع، وقد اختلف العادّون في الاتفاق على عدد المعاقين في العراق، فمنهم من قال انهم اربعة ملايين واخرون زادوا عن هذا الرقم او انقصوه قليلا، من دون ان يتقدم احد لتفكيك الاربعة ملايين او ما فوقها او ما دونها، إنْ كان الرقم متأتيا من قراءة واقعية، ليخبرونا عن تفاصيل الاعاقة من حيث النوع والسبب، والنسبة، فالعوق كما هو معروف، اشكال واصناف ونسب، منه ما هو جسدي يرتبط بالحركة وقدرات الانسان على الايتاء بافعاله، وبعضه عقلي او نفسي، وهنا ثمة حاجة  كبيرة للرعاية قد يعجز عن توفيرها ذوو المعاق.

وبين هذه القراءات التي تأتي رجما بالغيب، تبقى معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة قائمة، قُبالة تباطؤ مزعج، في الاجراءات التي ينبغي اتخاذها من قبل الجهات ذات العلاقة، لانتشال هذه الشريحة من براثن معاناتها، واذ نتحدث عن الاجراءات والجهات المعنية، بها، فالامر لايقتصر على جهة دون غيرها، فالجميع معني بهذا الشريحة المهمة، وبالتأكيد ان الجهات الحكومية تأتي في المقدمة، ثم تأتي بعدها الفعاليات الاخرى، المتمثلة بالقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية والاجتماعية المختلفة، وحتى المجتمع الدولي هو الاخر يتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية ازاء هؤلاء.

ولكي نكون منصفين، فان هناك الكثير من المحاولات والاجراءات المتخذة من قبل هذه الجهة او تلك، سواء أكانت حكومية، او غير حكومية، ولكنها محاولات وخطوات، لم تُفلح في انهاء معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة، اذ ما زالت شاشات التلفزة، ومواقع التواصل الاجتماعي، تنقل لنا يوميا صورا ومشاهد مؤلمة، لهؤلاء، وان كان البعض من الجهات الناقلة، تنقل لاغراض المتاجرة، بآلام المعاقين!!.. 

دول العالم ومنها بعض دول المحيط الاقليمي للعراق، حققت الكثير من التقدم من جهة ادماج المعاقين ضمن المجتمع، ووفرت لهم ظروفا حياتية جيدة، يشعرو ن معها بانهم جزء من المشهد العام، ولايختلفون عن سواهم في شيء، فباتوا يُعرفون بـ"ذوي الهمم" اما حالهم عندنا فلم يشهد تحسنا، حتى على المستوى الاجتماعي، فإن بعض شرائح المجتمع تنظر الى المعاق، اما نظرة شفقة، او انتقاص،!، وبالتالي فنحن نحتاج اولا الى تغيير نظرة المجتمع السلبية للمعاق، وهذه العملية تتطلب الكثير  من العمل على جميع الصعد (اعلاميا، اجتماعيا، وثقافيا)، لإحداث التغيير المنشود، ومقابل ذلك فان تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وادماجهم مجتمعيا، يتطلب الاهتمام بمراكز التأهيل والتدريب وتطوير المهارات، التي تمكنهم من ممارسة حياتهم بنحو طبيعي، وصولا الى توفير حياة افضل لهم، وليس من العدالة التنموية والانسانية والقانونية والدينية، ان نتركهم خلفنا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك