د. علي المؤمن ||
التحركات الأخيرة لتنظيم "داعش" وغيره من الجماعات الوهابية التكفيرية، وعملياتهم المستمرة في شمال العراق وشرقه، وفي أفغانستان وسوريا وبلدان أخرى؛ تؤكد بما لا يقبل الشك؛ إن هذه الجماعات لم ولن تنتهي؛ لطالما بقي العقل الذي يغذيها فكرياً ويمدها باللوازم الايديولوجية والتوجيهية والمالية؛ حياً وفاعلاً، فضلاً عن توافر الحواضن الاجتماعية للسلوك الطائفي التكفيري.
بعد العام 2016، تم تدمير قلاع تنظيم "داعش" ووجوده في العراق وسوريا، بسواعد الشيعة ودمائهم، وبذلك انتصر محور المقاومة على أحد الأجنحة المسلح للوهابية، والمدعوم أمريكياً وسعودياً، ولكن التنظيم استعاد جزءاً من فاعليته الميدانية، وبات ينفذ عملياته في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى، ولايزال.
وقد استشرفت هذا الواقع في مقال نشرته في العام 2017، أكدت فيه بأن اقتلاع فاعلية داعش في الموصل والأنبار وتكريت وغيرها؛ إنما يمثل نصراً عسكرياً؛ لأن "داعش" مجرد ذنب أفعى؛ أنتجته العقيدة الوهابية، وأسسته أمريكا، وأهلته السعودية، والتزمته الحواضن الاجتماعية الطائفية.
أما رأس الأفعى؛ فما يزال في الرياض ينفث سمومه، ويتغذى على كتب التكفير ومدارسه في السعودية، ويفرخ يومياً المزيد من وهابيي القاعدة وداعش والنصرة وطالبان. ولطالما ظل رأس الأفعى حيّاً قوياً؛ فإن "داعش" سيعود بجلد وهابي سعودي جديد.
وما يلفت النظر أن أغلب الشعوب العربية السنية باتت تدرك مخاطر التآمر السعودي الوهابي لتدمير المنطقة، ومظهره السيء المتمثل بالتحشيد الطائفي الذي تقوم به الوهابية السعودية، وهدفه المتمثل بضرب السنة بالشيعة وبالعكس، ليتسنى لها الهيمنة على المنطقة العربية، ومصادرة حضور الدول العربية والإسلامية السنية الكبرى؛ كمصر وسوريا والجزائر وتركيا وباكستان، وإخراس كل صوت شريف يعارضها. ولذلك فإن ردود الأفعال العقلانية للشعوب السنية ونخبها في معظم البلدان العربية، واصطفافها مع محور المقاومة في المنطقة؛ تدل على عمق الوعي بمخططات آل سعود الرهيبة.
ولعل انخراط كثير من سنة العراق وعشائرهم في قوات الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الأخرى ضد داعش والقاعدة والإرهاب الوهابي؛ دليل ملموس على هذا الوعي العميق، ودليل أيضاً على أن السعودية ستبقى عاجزة عن شراء ذمم الشرفاء، من أي مذهب ودين كانوا.
و بالتالي؛ فإن المعركة الحقيقية ليست مع "داعش" الذنب؛ بل مع رأس الأفعى.. نظام آل سعود، وهي معركة لا تزال قائمة في كل أرض يقاوم فيها اتباع آل البيت، بدءاً بالعراق و إيران وسوريا، وليس انتهاءً باليمن والبحرين ولبنان وافغانستان والأحساء.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha