المقالات

صورة من صور الازدواجية في المجتمع العراقي

1695 2021-11-20

 

  اياد رضا ال عوض||

 

 من المعروف ان الشخصية العراقية التقليدية، أهم ما تتميزت به اضافة الى الصفات والمميزات الاخرى هو الازدواجية في السلوكيات والمواقف والرؤى والتصريحات والتعامل وعلى مستويات مختلفة والتي منها على وجه الخصوص، السياسية والاجتماعية ، وهذا ما اوضحته في سلسلة مقالاتنا التي حملت عنوان (ملامح من صفات الشخصية العراقية النمطية واثر ذلك على الواقع السياسي المعاصر) والذي سبق ان نشرناها على صفحتنا في الفيسبوك.

اليوم نتحدث عن ازدواجية شائعة اخرى في كيفية التعامل مع  الطبقات المختلفة ، فعلى سبيل المثال ان المريض عندما يذهب الى الطبيب يدفع اجور الفحص واجور التحليلات المرضية والتي بعضها  ذات كلفة عالية (كالايكو والمفراس والرنين) وغيرها ، وكذلك ثمن الدواء وكل هذا يتم الدفع فيها بشكل فوري ودون اي مساومة (العملة) ، لان هذه المجالات من غير المعروف او المعتاد ان تخضع لمساومات في التعامل .

 وهذه بمجملها تكلف على الاغلب مبلغ لا يقل عن مائه وخمسون الف دينار ، اما اذا كان المريض قد ذهب الى المجمع الطبي في الحارثية فمن المؤكد ان المبلغ هو اضعاف ما ذكرناه وبالشكل المعروف الان عند العراقيين ...

ولكن عندما يعود هذا المريض الى داره ويقوم باستئجار تكسي لإيصاله ، فانه تراه يدخل في مساومة طويلة عريضة مع سائق السيارة من اجل تقليل الف او الفين دينار من الاجرة ، وبالنتيجة ، فهو في كثير من الاحيان يفرض رأيه على سائق التكسي الذي يقبل مرغما ، لكثرة سيارات الاجرة المنتشرة الان في شوارع بغداد .

 وهنا نجد ان المريض يصعد الى السيارة وهو في حالة زهو ونشوة لأنه استطاع الانتصار على السائق المسكين وربح معركة المساومة (العملة) .

 وفي الحقيقة ان هذا يذكرنا بإحدى التمثيليات القصيرة التي كانت تذاع من دار الاذاعة العراقيه في صباح كل جمعة قبل انشاء محطة تلفزيون بغداد عام 1956 ابان العهد الملكي ، والتي كانت معظمها تتناول احد المواضيع الاجتماعية .

وفحوى العمل الدرامي كان ان احد اصحاب المحلات يذهب الى سوق الشورجة ويتسوق بضاعة من احد التجار ولما اكمل الشراء قام التاجر بقطع وصل بالبضائع التي اشتراها وكان مبلغها ذلك الزمان لا يتجاوز 10 او 15 دينار ، وقد كان هذا مبلغا كبيرا ، وكما هو معتاد فان احد الحمالين كان واقفا امام المحل وهو رجل كبير السن ، حيث طلب هذا الشخص من الحمال ان يوصل البضاعة الى محل وقوف السيارات ، الا انه طلب من الحمال ان يبين الاجرة التي يطلبها والتي كانت ما بين 25 الى 50 الى مائة فلس ، ولكن الحمال رد عليه بان ما يعطيه هو من نعم الله.

 الا انه اصر على الحمال ان يذكر المبلغ والحمال يقول له الذي تعطيه هو من نعم الله وعندما اصر على ضرورة معرفة المبلغ ، قال له الحمال اني واقف هنا وشاهدت كيف دفعت مبلغ البضاعة من دون مساومة وعلى الفور ، فلماذا تساومني على هذا المبلغ الزهيد الذي لا يساوي شيء مقابل المبلغ الذي دفعته الى التاجر؟؟!! ...

 وكم هنالك من مثل هذه الصور والنماذج لهذه الازدواجية  العجيبة السيئة التي نراها في هذا المجتمع الذي فتكت به هذه الامراض الاجتماعية الخبيثة واوصلت البلاد الى هذا الحال ، وهذه المأساة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك