المقالات

أمريكا وعمل الثغرات 


  عباس زينل ||   منذ تأسيس إمريكا وسياستها تتبع طريقة عمل مشاكل، وتقسيمات في بقية الدول التي تعتبرها مستعمرة لها، للتوغل وإمكانية استمرار وبقاء هذه الأوضاع، للهيمنة على الاقتصاد في هذه الدول.  فلو راجعتم التاريخ وتمعنتم قليلاً؛ لرأيتم أمريكا تعتمد على الانقسامات بكل دقة، فلو رجعنا للحرب العراقية-الايرانية وتعمقنا فيها، حول أسبابها وكيف قامت بافتعالها؛ لعرفنا لغز قوة وبقاء أمريكا،  السيد الخميني في إيران وصدام حسين بعد دخوله حرب الكويت، كانوا من أشد المعارضين لامريكا واسرائيل والأفكار الصهيونية، فبدل ان تدخل أمريكا بالحرب معهم؛ قامت بإلهاء الطرفين بحرب دامية،  إذ قامت بتفعيل مشاكل قديمة عالقة بين إيران والعراق، أبرزها المشاكل الإدارية التي حدثت أيام الشاه الصفوي حاكم إيران، والذي كان من أبرز الشخصيات التي تعتمد أمريكا عليه في الشرق الأوسط،  ومن ضمن هذه المشاكل إتفاقية الجزائر، والتي من خلالها إستولى الشاه، على بعض المناطق الحدودية التابعة للعراق وجزء من شط العرب أيضاً، فبعد سقوط الشاه بعد قيام الثورة بزعامة السيد الخميني،  وهذا يعني فقدان أمريكا لأقوى شخصية في المنطقة، وهذا يعني استهداف مصالحها وفقدان هيمنتها في المنطقة، والخطر يقترب من اسرائيل؛ فبكل ذكاء وحنكة فعّلت أمريكا المشاكل بين الدولتين،  ودفعت بصدام ودخلته في حرب الثمان سنوات، وقعت ملايين الضحايا من الطرفين، كانت حرب خاسرة للطرفين، وبفضل حماقة صدام وانخداعه بمخططات أمريكا، واعترف بذلك خلال اجتماع له،  واستمرت بهذه الحيل والمخططات ، وبعد سقوط صدام وإقبال العراق على عهد جديد، عهد ديمقراطي لشعب عانى الحرمان والحصار، وطبيعة الشعب هو ضد أمريكا، بالرجوع على مبادئهم الإسلامية،  فبدايات أمريكا في العراق بعد الاحتلال كانت دامية بالنسبة لها، كان الاستهداف ضد جنودها بشكل مستمر، في جميع المحافظات، وصرحت بأن خسائرها في العراق بلغت نسبة كبيرة ومخيفة جداً،  فكان لابد لأمريكا الخروج بحل ينقذها من هذا الاستهداف المستمر، وكانت الخطة هي الطائفية (شيعة-سنة) وافتعال حرب بينهم، كانت تقوم بخطف الشيعة والإفراج عنهم في مناطق سنية وبالعكس،  وكان القتل على الهوية من قبل الطرفين، حيث قامت بإلهاء الطرفين بالطائفية، حيث بلغ عدد الضحايا من الطرفين نسبة كبيرة جدًا، وبالأخص بعد استهداف المرقدين العسكريين في سامراء من قبل أمريكا وأدواتها،  الا ان الوجود المبارك والإلهي للمرجعية، المتمثلة بوجود السيد السيستاني في النجف وبفتوى مباركة، حرم فيها استهدافهم وعدم إتهامهم بتفجير المرقدين، وهدئت الاوضاع نسبيًا بعد الفتوى،  وحث على المشاركة الواسعة بالانتخابات، واختيار الكفوئين لقيادة العراق نحو بر الأمان، وفعلاً قد تغير الوضع بنسبة كبيرة وصولاً لفترة استلام المالكي للحكم، حيث كان بناء الدولة يلوح في الآفاق،  وحارب كل من كان يريد المساس بهيبة الدولة، فقام بصولة الفرسان على الجيش المهدي، وصولة على القاعدة في الفلوجة، وبعدما شاهدت أمريكا هذه الخطوات؛ التي تنبأ عن بناء دولة ذات اسس قوية،  لا تعترف بالمسميات غير اسم العراق، فقامت بدفع سياسيين لهم دور بارز في الوضع السياسي ضد المالكي، وقامت أمريكا بدفع "داعش" إلى المحافظات الغربية وسقوط الدولة كان قد قاب قوسين او أدنى، وأيضاً وكما تعودنا على وجود المرجعية المباركة؛ إذ افتت بفتوى الجهاد الكفائي لمواجهة التنظيم الداعشي، وتشكيل الحشد الشعبي من ابناء الشيعة، وزال الخطر الداعشي بعد معارك عنيفة وشرسة،  حيث دامت وبتخطيط أمريكي لأربع سنوات، عانى المواطنين في تلك المناطق الكثير من المعاناة، وتحت ظل الحكم الداعشي وأحكامهم التي لا تمت للإنسانية بصلة، البعض هاجر والبعض نزح للجنوب. وبعد التحرير وبفتوى السيد السيستاني بأن الوضع المقبل أشد وأقوى، سيتم استهداف المبادىء والدين من خلال الحرب الناعمة، فعلاً قد كثرت البرامج التلفزيونية المدعومة الساخرة المسيئة للآداب،  وبسبب فساد الطبقة الحاكمة أيضاً المتمثلة بالأحزاب، فقامت أمريكا ب افتعال مظاهرات ظاهرها ضد الفساد، وباطنها ضد الدولة والدين والمبادىء،  لا اريد الخوض في تفاصيلها وكيف بدئت ولماذا، كون تحدثنا حول هذا الموضوع في مقالات آخرى، فسوف اختصر هنا على اعتماد أمريكا على الثغرات في المظاهرات، وكما ذكرنا بقاء هذه الاحزاب من مصلحتها ، وخروج مظاهرات دون اختراقها أيضاً لا تفيدها،  فحرفت الهتافات والمطالب فبدل ان يكون المطلب القضاء على الفساد؛ أصبح القضاء على الدين!، فبدل تغيير الفاسدين اصبح الهتاف (إيران بره بره)!، حيث لا اعلم أين إيران في العراق وأين مكان تواجدهم!. وبما ان النسبة الكبيرة من الشعب؛ هم من محبي الشخصيات الايرانية والجهادية منهم بالأخص، فمن الطبيعي لا يقبلون بهذه الإساءة والهتافات ضد هذه الشخصيات، فالكثير منهم قد انسحبوا من المظاهرات، فأصبح الامر كالآتي قسم من الشعب يحب ايران وشخصياتها يسموه ب(ذيل)، وقسم آخر لا يحبونهم يسموه ب(جوكري)، فمن الطبيعي امريكا في طبيعة الحال تعتمد على هذه الثغرات والانقسامات؛ فأصبح القضاء على الفساد والفاسدين بعد هذه الانقسامات من المحال، كون النسبة الأكبر من الشعب أصبحوا يمتلكون علامة استفهام كبيرة على المظاهرات، وتشتتوا لفرق وجماعات متعددة، وإلى ان جاؤوا بالكاظمي القريب من أمريكا، واختفت المطالب وغفيت الثورة واستلموا قياديي المظاهرات مناصب في الدولة، والحال نفس الحال والفساد نفسه، وامريكا مستمرة بمخططاتها ونحن الضحايا.   والسلام على من عرف من له ومن عليه وكان الحياد مكروهًا.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك