المقالات

مقبرة العظماء..حين يكون الرمز مفيدا..!


 

د. محمد القريشي ||

 

حين يتجول الزائر في مدن اوربا الكبيرة، كروما ولندن وباريس وغيرها ، يأسره التاريخ ، من خلال المباني الاثرية والتحف المعمارية والمتاحف الغنية بالنفائس، ويعجبه الحاضر بسبب حسن تنظيم المدن والمؤسسات ، والادارة ، وتطبيق القانون، ووفرة التقنيات الحديثة، ويلفت انتباهه حضور المستقبل، مجسداً في الاستثمار الكبير بالجامعات والمكتبات ومراكز الفكر..... وما بعد الماضي والحاضر والمستقبل، هناك امر جلل ، يغفل الكثير عنه .... يتعلق هذا الامر ، برجال ونساء، صنعوا كل هذه المنجزات ورحلوا عن هذه الدنيا فرادى، ولكنهم بقوا جماعات تنير ذاكرة شعوبها .. ... افراد، مروا على هذه الارض و لم يكونوا عابري سبيل عليها... مروا و تركوا آثارهم الكبيرة بين شعوبهم وشعوب العالم ، فاستحقوا صفة " العظماء "، بجدارة ..فنانون وفلاسفة وساسة وعلماء فلك وفيزياء وكيمياء وغير ذلك ، يرقدون في اماكن تسمى (مقابر العظماء) ..

في مقبرة وستمنستر بلندن، وارى الثرى قبل اكثر من عامين جثمان الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنغ، ليس بعيدا عن الفليسوف والفيزيائي إسحاق نيوتن الذي دفن في عام 1727، وفي موقع قريب من صاحب نظرية التطور داروين الذي دفن هناك في عام 1882 وقبور اخرى لحوالي 3300 شخصية بريطانية عظيمة تنتمي الى جميع شرائح النخبة : شعراء وكتّاب ومؤلفو موسيقى ودبلوماسيون وكهنة..هذه المقبرة ، مميزة بتصاميمها التي تمثل تحفة معمارية شامخة منذ اكثر من سبعة قرون، و بزجاجها الملون ،ولوحاتها النادرة ومنسوجاتها ونصبها التذكارية .

هي مقبرة ومتحف ودير غارق في التاريخ ، اسس فيها الرهبان البندكتيين ، تقاليد عبادتهم اليومية، وجعلوها مكاناً لتتويج ملوكهم وقبورهم بعد الموت .

وفي مقبرة عظماء فرنسا "البانثيون" ، هبطت المناضلة والسياسية الفرنسية "سيمون فاي" قبل حوالي اربع سنوات الى مثواها، لتجاور قبر عالمة الذرة الشهيرة ماري كوري، و صاحب العقد الاجتماعي، جان جاك روسو ،والاديب الكبير فيكتور هيجو، وملهم الثورة الفرنسية، فولتير، ومخترع اللقاح باستور، وكبار القوم من علماء وفنانين وسياسيين ..

المقبرة هي بالاصل كاتدرائية تطل على باريس من جميع جهاتها ، اراد مصممها جاك جيرمان، الجمع بين خفة وسطوع الكاتدرائية و المزواجة بين الفن القوطي مع المبادئ الكلاسيكية، وفق نموذج البانثيون في روما،...

مقابر العظماء في لندن او باريس او روما وغيرها، هي متاحف كبيرة، ومستودعات للذاكرة الوطنية، ومنارات تلهم الاجيال المتتالية بالعطاء والتجدد والابداع.. في هذه الاماكن المهيبة ، لا يتباهى الاموات بالقابهم او انسابهم او اعراقهم او قبائلهم ، بل بمنجزاتهم .... منجزاتهم فقط .. هنا يطرح الزائر سؤالين، لا اكثر : من هذا ؟ وما ذا قدم لنا وللبشرية ؟

وفي سياق العظماء ومقابرهم، كيف يمكن لنا، ان نتصور مقبرة العظماء في العراق، لو وجدت ؟ ما هي مواصفات "العظيم" ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك