المقالات

مهرجان بابل والرقص على الجراح..!

2024 2021-10-20

 

حسين فرحان ||

 

عشرون عاما مضت على آخر نسخة  من مهرجان المدينة الأثرية ذات الأربعة آلاف ربيعا وخريفا.. هذا ما تناولته  الفضائيات في تقاريرها وهي تقدم خبر الترف الحكومي المقرر إقامته عزفا وطربا ورقصا على جراح الأرض الثكلى بأبناءها..

بابل التي تشكو -كسائر محافظات الوسط والجنوب- من نقص حاد في الخدمات ورعاية شؤون الناس فيها، ستحتضن  باسم الفن أولئك القادمين من ثلاثين دولة، لا لأجل أن يقدموا فيها العلاج لمريض أو العمل لعاطل أو الحل لأزمة من أزمات البلد.. كل ما سيقدمه هؤلاء طبل ورقص وطرب لا يستقطبون فيه إلا تلك الكائنات التي لا تنتمي للجرح الكبير ولا تمتلك ذاكرة تؤهلها لأن تشعر بمسؤولياتها تجاه بلد حطمته يد الطغاة واللصوص، فصار لعقود مملكة لمؤسس المهرجانات الراقصة المستتر - فيما بعد- بالحملة الإيمانية، كما صار اليوم مغنما وكعكة لسراق الابتسامة من شفاه الطفولة.. الذين لم نر فيهم إلا رب بيت ناقر للدف يعلن عن ترفه الحكومي الذي لا يبرره الفن ولا غير الفن..

فهلا أخبرتنا -أيها المعني بأمر المهرجان- عن الضرورة الملحة لإقامته؟ وهل بلغ العراق حد الامتلاء والتخمة والاكتفاء من كل ضرورات الحياة حتى أعددت العدة للقفزات التي تكسر حاجز الملل من روتين الكفاية والشبع والاستقرار؟..

انظر للخراب من حولك.. ولا تخدع تلك الوفود القادمة لإحياء ليالي مهرجانك وغيره من فعاليات بمظاهر امتدت لها يد الترقيع التي استوزرتها في حكومتك وهي لا تفقه في صناعة الجمال شيئا حيث قالت المحاصصة كلمتها..

انتبه أيها الحاكم لما حولك.. فمهرجانات الغناء والرقص لا تتناسب ودماء الشهداء.. وما زالت الأمة في حدادها ولن ينقضي حزنها حتى ترى أن هذه الدماء قد أزهرت وأثمرت بلدا جديدا يفتخر ببابل الحضارة بسياحة لها وزنها وقيمتها وسط أجواء تتكلم فيها فنون الإبداع والعمارة والنظافة والثقافة والجمال والرقي والتقدم والازدهار.. ولا يشترط وجود المغنين والمغنيات كمظهر من مظاهرها..

إرم بطرفك -أيها الراعي للمهرجان- حيث شئت من هذا البلد.. فلن ترى سوى شعب يساق إلى منتهى الأجل دون أن تكتحل عينه بشيء مما يراه خلف الحدود حيث يحط الرحال زائرا أو حاجا أو سائحا ..

ضع لمستك الحكومية على شواطيء دجلة والفرات وأزل عنها درن النفايات ثم قرر أن تقيم المهرجانات..

امنح عوائل الشهداء حقوقهم.. واقض على أزمة السكن.. أعد للمصانع روحها.. أعد للشباب الأمل بمستقبل واعد.. شيد المستشفى والمدرسة والروضة ومدنا جديدة.. انفض الغبار المتراكم على حياتنا واجعل الأرض كسابق عهدها خضراء.. اقتلع ما يهدد سلم المجتمع من سلاح وفساد.. أعد للدولة هيبتها وللقانون سطوته ثم قرر أن تقيم المهرجانات..

أما الآن فلا نظن بنواياك المهرجانية إلا السوء ولا نراه إلا ترفا حكوميا لا قيمة له ولا جدوى، وفيه من الرقص على الجراح الشيء الكثير.. ولربما سيعترض معترض فيقول: ( الحياة ينبغي أن تستمر) فأقول له: (إصنع الحياة أولا ثم اطلب أن تستمر) مع ملاحظة أن استمرارها لا علاقة له بمهرجانات الطرب الوافد من ثلاثين دولة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رسول حسن نجم
2021-10-20
هذا المهرجان هو من تأسيس الطاغيه المقبور في محاوله منه لاظهار مدينة الحله بمظهر الانحلال والتميع... وفي الوقت الحاضر على مسؤولي هذه المدينه توجيه هكذا مهرجانات الى التعريف بهذه المدينه العريقه بتاريخها ومقاومتها الاحتلال البريطاني وعلمائها الاعلام امثال العلامه الحلي وغيره وليس الرقص والمجون.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك