المقالات

لنفعِّل خصالنا الحميدة


 

علي علي ||

 

 عامل الناس بخلق رقيق

والقَ من تلقى بوجه طليق

 فاذا انت قليل العدا

واذا انت كثير الصديق

  قطعا كلما كان الشاهد صادقا كان حديثنا موثوقا به أكثر، وإن لم يكن شاهدنا حاضرا، علينا الاستشهاد باستذكار كلامه او مواقفه، شرط أن يكون الشاهد معرفا لدى السامعين، ويقول مثلنا العراقي: (إذا حچيت خلي شاهدك حاضر). فعلينا إذن، اعتماد القول الصائب من المصدر الموثوق، وهذه مهمة ليست باليسيرة، ذلك أن المصادر كثيرة وعملية الانتقاء والاصطفاء لاتعتمد على أهوائنا ورغباتنا فقط، بل هي تبحر وسط أمواج من الآراء والمزاجات والمؤيدين والمعارضين والأصدقاء، وكذلك الأعداء.

   إن السلبيات والإيجابيات مرافقة لكل بني آدم، وبذا يكون حريا بنا وضع أنفسنا في موازين عدة، أولها ميزان المصارحة والمكاشفة مع النفس أولا ومع الغير ثانيا، فنكون إذاك قد وضعنا أقدامنا في بداية الطريق الصائب، أو غيرنا مسارها باتجاهه إن كانت في الطريق الخطأ، وقطعا علينا التسليم بأن كلنا "خطاؤون وخير الخطائين التوابون". -وهذا أول شاهد وخيرهم وسيدهم أستشهد بحديثه صلى الله عليه وآله وسلـم-.

  هناك حقيقة لا أظن أحدا يكذبها، أننا نحن العراقيين غارقون في سلبياتنا، شئنا أم أبينا، اعترفنا أم لم نعترف، والحديث عنها يبدأ منذ عقود ولا أظنه ينتهي في هذه الليلة أو ضحاها، وأقصد بـ "نحن" المواطنين وليس متقلدي المناصب العليا في البلد، ولاسيما أصحاب القرار وأولو البت فيه، فنحن -المواطنون- أصحاب البلد الشرعيون، ويرث بعدنا أولادنا وأحفادنا هذا الحق، أما أصحاب الكراسي، فهم زائلون بزوالها، ولهم بعدها الرحمة او اللعنة كل بما جنت يداه. ولو أمعنا بكثير من السلبيات التي آلت اليها أحوال البلد، للمسنا أن المسبب الأول فيها هو "نحن"، فهل يدفعنا هذا الى الاستسلام والخنوع والرضوخ لما جنيناه على أنفسنا؟.

يحكى ان الجنرال نابليون بونابرت يرد بثلاث على ثلاث: من قال لا أقدر، يقول له: حاول. ومن قال لا اعرف، يقول له: تعلم. ومن قال مستحيل، يقول له: جرب.

   انا كعراقي.. أراني والعراقيين أعمق وأعرق إرثا وتاريخا من نابليون وشعبه الفرنسي، وفي تاريخنا حكماء وواعظون كثيرون، سبقوا اولئك الفرنسيين بأقوالهم في مايحث على الإقدام والتحلي بالأخلاق الحميدة، والطبائع الطيبة والتعامل السمح مع بعضنا.

وباتباع النصيحة في بيتي الشعر المذكورين في بدايه مقالي هذا، نكون "نحن" قد غلبنا أرباب الحكم في بلدنا، وصححنا شيئا من سلبياتنا في تعامل بعضنا مع البعض، ونقدم حينها درسا بليغا  لساستنا في "المصالحة الوطنية".

   لذا أتقدّم من منبري هذا بدعوة عامة للجميع، أول من أدعوه لها من العراقيين نفسي: لنفعِّل خصالنا الحميدة والجميلة الموجودة حتما في نفوسنا التي جُبلت عليها بالفطرة، بدءًا من رقيق الكلام ودماثة الخلق والجود والعطاء، والتسامح في تعاملنا اليومي مع بعضنا في البيت والشارع ومحال عملنا، ومن تعثر في اولى خطواته فليتذكر شاعرنا العربي -وليس الفرنسي- الذي قال:

لا تيأسن اذا كبوتم مرة

ان النجاح حليف كل مثابر

ولتتكرر المحاولة لمن قال لا أقدر. اما من يقول لا أعرف.. فخير معلم له سيرة أجدادنا وأخلاقهم وحكاياهم، في كل مدن العراق وأزقته وبيوته المفعمة بروح التآصر والحب والألفة. ومن قال: مستحيل.. فهو من يريد وضع العصي في دواليب مركبة تقدمنا، وعلينا ردعه وإبعاده عن قافلتنا لتسير بأمان وسلام. ورحم الله نابليون وكل من قال قولا سليما.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك