المقالات

الزيارة الأربعينية.. انتخابات من نوع آخر


 

د . مريم رضا *||

 

"عاهدتَ فأوفيْت وعلى طريق الحسين مشيْت"، هذه هي العبارة التي أحاطت بصورة شهيد العراق،  الشهيد الحاج القائد أبو مهدي المهندس، وإنها أشبه ما تكون بينة وحجة حملتها راية على الزجاج الخلفي لأحد الباصات على طريق الحسين، طريق العشق إلى أبي الأحرار، طريق المشاية الى كربلاء. وإلى يسار الطريق، انتشرت صور مرشحي الانتخابات العراقية المقبلة بعد ايام قليلة من الزيارة الأربعينية. ولوهلة، ما بين المشهدين، ترى في ابتسامة الشهيد الحاج المهندس ثقة وطمأنينة لسان حالها "نحن أصحاب الأرض، نحن عبّدنا الطريق"، لتعود بك الابتسامة إلى طريق القافلة الحسينية إلى كربلاء وقول الإمام السجاد لأبيه الإمام الحسين عليهما السلام: "أوَلسنا على الحق؟ إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا".

إنه طريق الحسين،  طريق فطرة خالصة  تعشق الإباء والكرامة، وتنفر من الذل والخنوع. هو طريق الحب المصقول بشيب المشايخ وبراءة الأطفال وعنفوان الشباب؛ كلٌّ أمام موكبه يتسابق لخدمة الزوار. من النجف إلى كربلاء، تعلو الرايات تترنح من نسائم العلقم، وكأن بأس وبصيرة العباس نبض خفاق عزًّا وإيثارًا. لقد خرج أهل العراق وأخرجوا من بيوتهم كل ما يمكن الجود به، أو ما يستطيعون إليه سبيلا. أما الهدف فإطعام الطعام على حبه زائرًا وزائرة؛ حتى تكاد تكون غاية المنى ان تتوقف عند مضيف أحدهم ، وتشرب ولو الشاي أو الماء. 

هي رحلة عشق تنسجها وشائج اللحمة في وحدة الراية وسمو الهدف ووضوح السبيل. إنه درب الدماء الزكية التي حفظت الدين والنهج الحسيني في مقاومة الظلم والتصدي للمعتدي. إنه درب البصيرة في فتوى المرجعية الرشيدة بقيادة السيد السيستاني في قيام الحشد الشعبي عام 2014 لرد عدوان داعش وإفشال مخططات ممولي التنظيم وداعميه. وبهذا المعنى، تصبح الزيارة الأربعينية زيارة إحياء العهد لاستحقاق الدم وانتصار النهج على السيف.

يتخذ ركب العزاء من طريق المشاية منصة إعلامية لا نظير لها تأسيًّا بدور ركب السبايا، في قيام المشروع التأسيسي لفكر الثورة الحسينية وتبيان اهدافها وشرح ابعادها ودلالاتها. ويجد الزائرون من كل أنحاء العالم الفرصة للتعبير عن مظلومية الشعوب الإسلامية، وضرورة التحام الفكر النهضوي، وكسر الحدود الجغرافية الموضوعة لتقييد تطلعات الأمة وتأطيرها بقضايا تجزيئية ومواضيع فتنوية. هؤلاء الزوار يجمعهم موقف الحسين في رفض الضيم والذلة والانكسار ولو مع قلة الناصر. وإن كان الجميع يعبّر كلّ على طريقته، وكلها مشاهد سامية، إلا أن التعبير الأسمى ليس إلا تعبير من اشترى الوطن وحفظ العرض والأرض بالدم. فقد انتخب شهداء الحشد الشعبي العراق بالأرواح حتى اضحت صورهم المنتشرة على طول الطريق إلى كربلاء بيارق لائحة في استحقاقات الشعب العراقي في الانتخابات المقبلة؛ فهناك على طريق الحسين انتخابات لكن من نوع آخر.

 

* لبنان / دكتوراه في العلوم الاجتماعية/ متابعة لشؤون منطقة غرب آسيا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك