المقالات

اربعينية الكلمة..!


  عبدالزهرة محمد الهنداوي ||   صورة سامية، ما استطاعت كل صور الكون ازالتها او حتى مزاحمتها في صدارتها للمشهد ، تلك هي صورة ملحمة كربلاء المطبوعة في الاذهان، بصفاء  وبهاء عجيبين، الف عام ونيّف والتاريخ  ينطر الى كربلاء فاغرا فاه ، مثل بليد، لايفهم شيئا مما يحدث حوله، فلم يستطع هذا التاريخ غض الطرف عنها، برغم الكم الكبير من المحاولات التي سعى اصحابها، الى التعمية على تلك الواقعة، واطفاء وهجها المتجذر  في النفوس، القا، ومحبةً، ورفضا لكل ما هو سيء.. ملحمة الطف كان فيها للكلمة وقعا اشد من وقع الحسام المهند، فمازالت كلمات بطلها الحسين، يتردد صداها في الافاق، وليس اقل منها وقعا، كلمات شريكته في  البطولة، وحاملة رسالة الملحمة، والناطقة باسم كربلاء، العقيلة زينب.. وحين يستذكر الملايين، تلك الملحمة، ويقطعون الاف الاميال، للوصول الى بحر النور الحسيني، انما جاءت بهم الكلمة، التي عبّرت عن فعل صادق، وضمير ناطق بالانسانية، فاستذكار اربعينية الامام الحسين، انما هو احتفاء بكلمة الحسين المدوية في كل الارجاء، تلك الكلمة التي حاول  الكاتب المصري الكبير عبدالرحمن الشرقاوي، في مسرحيته الملحمية "ثأر الله"، ان يطاول اعنانها المطاول لا عنان السماء، مصورا  لنا حوارا بين الامام الحسين (ع) ورسول الحاكم، الذي  يطلب  من ابي عبدالله، البيعة لهذا الحاكم، واصفا تلك البيعة، بانها ليس سوى  كلمة يسيرة يقولها قائلها، ويمضي لحال سبيله كافيا نفسه واهله، الكثير من المتاعب، التي تصل الى حد الاغتيال!.. الا ان الكلمة عند الامام الحسين، هي غيرها عند الاخرين، فيأتي جوابه صادما لمن طلب منه البيعة، ولمن لا يعرف قيمة ومعنى الكلمة، فيقول كما ورد في مسرحية "الحسين شهيدا" في مسرحية عبدالرحمن الشرقاوي: هل البيعة الا كلمة؟!! وما دين المرء سوى كلمة، ما شرف الرجل سوى كلمة.. ما شرف الله سوى كلمة.. مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو الكلمة.. الكلمة نور ، وبعض الكلمات قبور، بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري .. الكلمات فرقان بين نبي وبغي.. بالكلمة تنكشف الغمة، وهي نور ودليل تتبعه الامة.. عيسى ماكان سوى كلمة، اضاء الدنيا بالكلمات التي علمها للصيادين، فساروا يهدون العالم.. الكلمة زلزلت الظالم.. الكلمة حصن الحرية.. ان الكلمة مسؤولية.. ان الرجل هو الكلمة.. شرف الرجل هو الكلمة.. شرف الله هو الكلمة..  ثم يلتفت الحسين، مخاطبا الناس، ومحذرا اياهم من مغبة الركون للظالمين، فاذا سكتم بعد ذلك على الخديعة وارتضى الانسان ذلةً، فأنا سأُذبح من جديد.. واظل اقتل من جديد.. ويظل يحكم ظالم ماويفعل مايريد وهو يعني بقتله هنا، قتل كلمة الحق وصوت الانسان الرافض للظلم.. طوبى لكلمات اضاءت دياجير الكون بمداد الدم المُراق في كربلاء..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك