مازن الشيخ ||
الذاكرة أوسع من التاريخ، أو هي تاريخ متحرك. الذاكرة ساخنة ومتقدة، أما التاريخ فجاف وبارد، الذاكرة إنسانية، أما التاريخ فمفكرة، ومن هنا تأتي أهمية تدوين الذاكرة.
تدوين الذاكرة وإنزالها على الورق من خزائنها الموجودة في رؤوس صناعها، أمر حيوي يجعل التاريخ يتحرر من رسميته ويمشي على قدمين بعد أن كان يسير على رأسه.
خزان الذاكرة لدى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الذي شرع بعد اربعين سنمة من تأسيسه بتدون ذاكرته، لا يقتصر على قيادالته فحسب، يستوعب المهمشين، يتجاور فيه الحكام والملوك مع المتمردين والصعاليك، الأصحاء والأقوياء والأبطال مع المرضى والمنبوذين والمحكومين، نشاهد فيه المبتكرين والمهندسين والمخترعين مع العمال والبناءين، قواد الجيوش مع الجنود، الروائي مع المروي عنه، الضحية مع الجلاد...
بهذه الرؤية الفريدة، شرع المجلس الأعلى الإسلامي بعد اربعين سنة من تأسيسه بعملية معقدة وصعبة ومرهقة في آن، تتمثل بالقيام بتدوين ذاكرته..!
المبدأ الذي يعمل عليه هذا الكيان السياسي الجهادي العريق في تدوين ذاكرته، وهي ذاكرة كبيرة جحدا، لا نتوقع أن نشهد إتمام تدوينها في أمد قليل، لآالذاكرة أكثر تعقيداً من مجرد اعتبارها مفردة نقيضة للنسيان،
الصحيح هو أن تدوين الذاكرة حاجة إنسانية محضة، وتركها يعني الذهاب الى عدم إحترام التاريخ، وعدم إحترام صناعه الأحياء منهم وألأموات، تدوين الذاكرة تمجيد للمآثر، وأعطاء صناعها حقهم الإعتباري، وتناسي هذا الجهد الكبير الخلاق، يعني إحالتهم الى المهمل والمتروك وغير الملتفت إليه أو المحتفى به، أو هو حالة ليست منصفة وغمط للحقوق ولصوصية علنية..
تدوين الذاكرة وسيلة فعالة لإقامة سلام مع الذات أو الآخرين والواقع المحيط، أو بداية لحياة جديدة.
تدوين الذاكرة قوة.. نشاط.. تحفز دائم، ترفض الهروب والإهمال، ومن هنا إيجابياتها وسلبياتها وتجاوزها لفكرة النسيان والإهمال.
https://telegram.me/buratha