المقالات

الوجدانيات لا تنبتُ في جحيم المعنى..!

1406 2021-09-18

 

حازم أحمد فضالة ||

 

    وجدنا سلسلة )وجدانيات وإنسانيات) يطلقها السيد المحترم )علي الطالقاني) موجَّهَةً للمجتمع، تتدحرج من على )منصة الطالقاني) في حساباته الشخصية الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي.

    بعد مراجعتنا لها، وجدنا ما وجدنا من الابتكارات المتنازعة دون أساس لغوي، ومصدرٍ علمي، وهي على ما يبدو محاولات لخلق مُناخٍ خليط من الصوفية والوجدانية والعرفانية، أي: ثمَّة اشتباك بين هذه المفهومات غير علميٍّ وغير مؤصَّلٍ له، تحكمه نزعة عروبية ربما، )مع الاحترام لشخص الكاتب قطعًا، فنحن موضوعيون مهنيون نحاول الاقتراب من الحقيقة).

    أحببنا الوقوف على إحدى هذه الوجدانيات لمناقشتها.

    يقول السيد المحترم )علي الطالقاني) ذو العمامة السوداء:

«جريمة أن يسمى الغرام عشقاً...

ففي الغرام يظهر إبليس وتظهر نجاسته.!

أما العشق فطاهر لا وسوسة فيه

راجع نفسك هل أنت مغرم أم عاشق؟»

·        التذييل:

السيد علي الطالقاني/ إحدى كلماته الوجدانية.

انتهى

·        رأيُنا:

    لا ندري مِن أين انطلق السيد الطالقاني المحترم بهذا الرأي الغريب المنسوب قهرًا للوجدانيات!.

    يقول ابن منظور في معجم لسان العرب في بيان كلمة )غرام):

والغَرامُ: الوَلُوعُ.

وقد أُغرِمَ بالشيء أي أُولِعَ به.

يقال: فلانٌ مُغرَمٌ بكذا أي لازم له مولعٌ به.

ورجلٌ مغرمٌ: مُولَعٌ بعشقِ النِّساء وغيرهن.

وإني بكَ لمُغرَمٌ: إذا لم يصبر عنه.

انتهى المعجم.

    يقول ابن أبي الحديد المعتزلي )رحمه الله) -صاحب شرح نهج البلاغة- في قصيدته الخالدة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب )عليه السلام):

)يقتادُني سُكْرُ الصَّبابة والصّبا

ويصيحُ بي داعي الغرام فأسمعُ)

    لاحظ كيف وظَّف الغرام في معنىً سامٍ بين سُكْر الصبابة والصبا، إذ يصحو فجأةً بعد سُكْر عميق في آخر نقطة من قلبه المملوء بالحب، يصحو بمجرد سماعه لنداء المحبوب المُغرم به!، فأين المعنى المظلم الذي ساقه السيد الطالقاني المحترم! من هذا النور الذي يلتجُّ في ثنايا الجمال والوَلَه اللامحدود؟!

حتى يقول المعتزلي في قصيدته:

)ما الدَّهرُ إلا عبدُكَ القِنُّ الذي

بنفوذِ أمرِكَ في البرية مُولَعُ)

    لاحظ هنا توظيف كلمة )الوَلَع) التي استعان بها ابن منظور في معجمه )لسان العرب) لبيان )الغرام)، وكيف تتناغم في المعنى، تتمشى مثل الرياحين في مروج قصيدة ابن أبي الحديد؟

    فأينَ معناك أيها السيد الطالقاني المُبَجَّل من هذا البيان والفصاحة والبلاغة والأدب؟!

    يقول الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في قصيدته الخالدة للإمام الحسين )عليه السلام) بعنوان )في رحاب الحسين):

)سلامٌ على الحُرِّ في ساحتيك

ومَقحَمِهِ جَلَّ مِنْ مَقْحَمِ

سلامٌ عليه بحَجْمِ العذاب

وحَجْمِ تَمَزُّقِهِ الأشهَمِ

سلامٌ عليه، وعَتْبٌ عليه

عَتْبَ الشَّغُوفِ به المُغْرَمِ)

    لاحظ التماهي الساحر بين الحُبِّ والعِشْقِ والشَّغَفِ والغرامِ، إلى أي مدىً من التألق والتداخل والانسجام تذهب هذه المعاني بنا؟!

    السيد علي الطالقاني المحترم مطالب أن يُخَفِّف من انطلاقته )الوجدانية)، ولا يذهب بالناس بعيدًا حيث متبنياته الشخصية الغامضة، طريق العرفان ليس بالطريق السهل، وهو لا يتوافق مع الماديات قطعًا.

    أنْ تنجح كونك )تلميذًا) في أبجديات مثنوي لمولانا جلال الدين الرومي، والأربعون حديثًا للإمام العارف روح الله الخميني؛ أفضل من محاولة القفز على هذه الأسوار العرفانية الوجدانية الشاهقة؛ إذ تلامس قلب الإله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك