ازهار ال عبد الرسول ||
لله دركِ يا عقيلة بني هاشم، يا خدر الرسالة، يا ولية الله العظمى، ويا كاملة اليقين والمعرفة، منذُ نعومة اظافركِ كنتِ شديدة الذكاء والفطنة،
وعلى مستوٍ عالٍ من العرفان بالله وبأهل بيتكِ (بيت العصمة والرسالة السماوية)رغم كونكِ في السنوات الاولى من مرحلة الطفولة.
كيف لا وانتِ تنهلين المعارف السماوية والحقائق الألهية منهم صلوات الله وسلامه عليهم.
ورَوِيَ (ان والدها اجلسها في حجره - يوم كانت طفلة - وبدأ يلاطفها، وقال لها: بُنية قولي واحد، فقالت واحد، قال: قولي اثنين، فسكتت! فقال لها: تكلمي ياقرة عيني، فقالت يا ابتاه ما أُطيق ان اقول اثنين بلسانٍ اجريتهُ بالواحد.
فضمها الى صدره وقبلها بين عينيها).
هذا يدل على عمق معرفتها بالله الذي لا يطيق لسانها ان ينطق كلمة - اثنين - فوعت هذه الحقيقة - (الله) واحد احد لا شريك له.
كذلك نقرأ في بعض الكتب عن (رؤيا مخيفة رأتها السيدة زينب (ع) فأسرعت إلى جدها رسول الله صل الله عليه واله وسلم تقصها عليه، ولما مثلت عنده أجلسها في حجره وجعل يوسعها تقبيلا فقالت: يا جداه رأيت ريحا عاصفاً أسودت الدنيا منها واظلمت، ففزعتُ الى شجرةٍ عظيمةٍ فتعلقتُ بها من ًشدة العاصفة، فقلعتها الرياح وألقتها على الارض، فتعلقتُ. بغصن قوي من تلك الشجرة فقطعتها الرياح، فتعلقتُ بفرع أخر فكسرتهُ الرياح ايضا، وسارعتُ فتعلقتُ بأحد فرعين من فروعهما فكسرتهُ العاصفة ايضا، ثم استيقظتُ من نومي!
فأجهش النبيﷺ بالبكاء وفسر لها رؤياها قائلاً: ((اما الشجرة؛ جدك، واما الفرع الاول: فأمك فاطمة، والثاني: ابوك علي، والفرعان الأخران هما اخواك الحسنان، تسودّ الدنيا لفقدهم، وتلبسين لباس الحداد في رزيتهم).
فلم تمضي إلا أيام حتى تحققت الرؤيا، بأبي وأُمي يا كعبة الاحرار كم تحملتي من مصائب ومحن، أولها مصيبة جدكِ رسول الله حيث كان عمركِ الشريف حوالي خمس أعوام، وبعدها توالت عليكِ الرزايا والمصائب حتى فجعتِ بأمكِ الزهراء عليها السلام، ومن ثم رزئتِ بأبيكِ أمير المؤمنين عليه السلام، ومن ثم أخيكِ الحسن الى مصيبة أخيكِ الحسين (عليهم السلام ) التي هي أعظم مصيبة جرت على وجه التأريخ تمثلت بقتل وتمزيق العترة الطاهرة (الحقيقة المحمدية)، بابشع صورة على يد (ابليس وجنودهُ)اخس واقذر وارذل بشر.
على مرأى منكِ ومسمع، قد ذبحوا الرسالة من الوريد الى الوريد، وقَطعوا أوصال الدين، ورضوا بحوافر الخيل سلالة النبيين وصفوة المرسلين، وأحرقوا خيم رب العالمين، فتحملتي وتجلدتي لهذه المصائب الجلل، وكنتِ. لها مولاتي من - عزيمة لا تقهر - ورباطة الجأش - وقوة - وإرادة - واكملتي المسير حتى الثورة الحسينية وصيرتِ الخسارة الى أنتصار؛ والدم المسفوك الى نشيد الاحرار، ورفعتِ راية الحق ترفرف عاليا، وازهقتي الباطل سافلا، بثورتك على فرعون عصرك (يزيد) واذللتي الجبابرة بوقوفكِ. شامخة في قصر ابن زياد، وبلاط يزيد وزبانيته، فكنتِ صوت الثورة وإعلامها الصادح، ورفضتِ الظلم والفساد الفادح.
شامخة أنتِ كشموخ ابيك علي بن ابي طالب عليه السلام وشجاعته، وطهارة امك الزهراء، وصلابة جدك في احقاق الحق وازهاق الباطل. من جانب، ومن جانب أخر كنتِ نعمَ الراضية المرضية بقضاء الله وقدره، والوالهة الفانية في حبه تعالى، انت حقاً تجلي من تجليات الله على الارض، من صبرك تعلم - الصبر - كيف - يصبر - وان كانت الجبال تميد منه وتضطرب.