المقالات

مجالس عاشوراء في المهاجر..المجلس الحسيني في لندن - إنموذجاً


 

ناجي الغزي/ كاتب سياسي ||

 

منذ ان أبصرت عيوننا ونحن صغار, نسترق السمع والبصر كي نلمح ونسمع في مجالس عاشوراء نهضة الحسين وثورته المتجددة والمتحركة والمتحدية لكل انواع الظلم والفساد. حتى غادرنا الوطن مكرهين الى المهاجر نحمل أرث محبتنا و ولائنا للحسين بن علي ابن ابي طالب (عليه السلام).

ولقد منحتنا تلك المجالس الحسينية عشق الحسين (عليه السلام)  ورغبة التحدي والتصدي لاشكال الظلم في الحياة. فاصبحت تلك المجالس مدارس تهذب نفسونا, ونهر يروي ضمأ عطشنا العاطفي والفكري. ومنذ واقعة الطف أصيب شيعة الحسين بجرح عاصف لم يندمل فجاءت هذه المجالس والشعائر تعبرعن آلامهم المتراكمة عبر التاريخ.

وفي كل عام من شهر محرم تحيا المجالس الحسينية ذكرى عاشوراء ومأساة الطف الخالدة وماجرى على الامام الحسين واهل بيه واصحابه (سلام الله عليهم) في كل بقاع الارض لينهل منها محبي أهل بيت الرسول وعاشقوا الامام الحسين (عليه السلام) قيم الحياة والبطولة والصمود ومفاهيم العدل والانسانية وجمر اللوعة والحرارة التي تسري في عروق المؤمنين.

ولاهمية المجالس الحسينية في نفوس المسلمين وابعاد النهضة الحسينية الخالدة في عمق التاريخ, استمد شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هيبة نفوسهم وعزتهم من هيبة وعظمة تلك المجالس في حضورها وظهورها المستمر. وذلك من أجل ديمومة بقاءها وعطاءها وتواصلها مع أبناء الطائفة الشيعية في كل المهاجر. وهذه الصور العاطفية الجياشة تدفعهم بقوة لاحياء المجالس العزائية والرثائية بدموع مالحة غزيرة ..

ولا بد ان نفكر جلياً في ابعاد الثورة الحسينية وتأثيرها على أبناء الجالية الشيعية في المهاجر وكيفية الاستفادة منها كشعار وشعائر وثقافة وبرامج بصورة حضارية تنسجم مع حجم الملحمة الانسانية الكبيرة. وهي مسؤولية كبيرة تجاه الرجال المتصدين والمضحين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) والعاشقين لقضية الحسين والسائرين في ركب الاحرار من خدام المجالس الحسينية في المهجر والباذلين اموالهم وارواحهم لخدمة ثورة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام) 

المجلس الحسيني في لندن إنموذج لهذا العطاء والثراء الحسيني السنوي, والحاج محمد عبد الرسول البلاغي من القائمين عليه والرافعين لواءه في كل عام من أجل إحياء ثورة الحسين وملحمة الطف الخالدة. ويتحمل المصلحون والمؤمنون بقضية الامام الحسين (عليه السلام) المشقة والتعب والمسؤولية من اجل ايصال رسالة الحسين الخالدة التي اراد بها اصلاح الامة وانقاذ البشرية من الظلم والذل والهلاك.

و(المجلس الحسيني) هو أحد المجالس المهمة والعريقة في لندن وله بصمة عميقة بدأت منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي وما يبذله القائمون عليه من إحياء الشعائر وسخاء الطعام والشراب وخدمات انسانية كالتبرع بالدم واعمال خيرية. وله حضور فاعل مشهود ومعروف في كل المناسبات الدينية والحسينية من المجالس والمؤتمرات والمهرجانات والمعارض وقيادة المسيرات الراجلة وسط لندن من كل عام في اربعينية الامام الحسين ( عليه السلام) لتعريف المجتمع البريطاني وسواحه والقادمين اليه بملحمة كربلاء ومظلومية الحسين ورسالته الانسانية,  للذين لايعرفون الحسين وقضيته واهداف ثورته ونهضته الخالدة.

وليس مغالياً أو مبالغاً عندما أصفُ طريق الامام الحسين (عليه السلام) بطريق التضحيات. فهو ليس بالسهل أو باليسير على من يريد أن يسلكه, فهو طريق محفوف بالمخاطر والعقبات, كطريق الحق الذي يشكل تحدي للنفس وللحق وللسلطة المستبدة والحكام الطغاة على مر العصور. لذلك أمتحن الكثير ممن سلكوا هذ الطريق, فمهنم من تعرض للقتل والتعذيب ومنهم من ترك اهله وبلده، وهاجر وهجر وطنه، وتحمل مشقة الطريق وعاش الغربة في المهاجر سنين طويلة. وبعضهم قضى أجله في تلك البلاد, لكنها مشقة عاقبتها الثواب والاجر الجميل عند الله.

الثورة الحسينية ومسيرة عاشوراء بتحولاتها التاريخية المختلفة خلقت مدرسة إنسانية شاملة للاجيال تتجسد فيها كل ملامح التحدي المناهضة للظلم. وهي عطاء لا ينفد ومكاسب لا تبلى، وهي تجسد عظمة سيد الشهداء. حيث أنها لا تتوقف عند زمان او مكان او جنس بشري معين, باعتبارها نهضة اصلاحية سعت لنزع القيود التي تكبل الانسان وتعيق مسيرته وتعطل ارادته الحرة.

وهذا ما أسفرت عنه المواجهة غير المتكافئة بين جيش الحسين (عليه السلام) وجيش يزيد بن هند وعبيد الله بن زياد بن ابيه, من حيث العدة والعدد. وانتصار الدم المقدس على السيف المسموم والمذموم, وهو انتصار الحق على الباطل وانتصار المبادئ على طوفان الذل والعبودية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك