المقالات

شهادتي اصفرت !!!

2237 2021-08-01

 

زيد الحسن ||

 

نسيت احلام الطفولة بعد انغماسي بالندم على مرحلة الشباب وانصهاره بخيبتي الكبرى ، الخيبة في وطني وخسارتي لسنوات طويلة من العمر .

كان عمري اثنا عشر عاماً حين بدأت بفتح بصيرتي على التاريخ وعشقه بصورة جنونية ، كنت ملازماً لكل من يحكي لي عن الثورات العربية والعالمية ، حتى انني رسمت صوراً في خيالي لكل بطل من ابطال هذه الثورات ، ذهب العمر سريعاً وتوقف لبرهة ذاك اليوم الذي اخبروني انني حصلت على مقعد دراسي في جامعة بغداد كلية التربية .

اصبحت لصاً رغماً عني في السنة الاولى في الجامعة ، ولن انسى ذاك اليوم و تلك السرقة ، لم اكن اعير الاهتمام لملابسي ، لقد كانت الرحمة ان الزي موحد، لكن تكمن المشكلة كلها في ( الحذاء ) ، هذا الذي ترونه الان بلا ثمن كان سبب لصوصيتي وشحذ افكاري لاقتنائه لساعات معدودة ، اقنعت نفسي انني لم اسرق فقط استعير حذاء اخي ليوم فقط ، بسبب انني فقدت شسع الحذاء وانا اهرول خلف الحافلة ، كان يوماً ماطراً يوم سرقتي وساعدتني اجواء المطر بعدم ذهاب اخي الى العمل ، ارتديت جورابي المثقوب من اصبعي الكبير ومشيت على اطرافي لاكمل ما خططت له لساعات ، دنوت منه واعتلت شفاهي بسمة عند ملامستي له ، ثوانِ معدودات وهو يركض بي خارج المنزل وصولا الى الجامعة ، انتهى عامي الاول وكانت فرحتي بالنجاح قد انستني مواجع الايام .

سنتي الثانية والثالثة لاتختلف بشيء ، مغبون انا فيها كما يقول الحديث الشريف ( من تساوى يوماه فهو مغبون ) ، لكني كنت احاول ان اغير من حياتي وارفع هذا الغبن عني باصرار عجيب ، وزعت ايام الاسبوع بين العمل والجامعة ،وكنت اعمل من اجل الحصول على المال اللازم لدراستي و ديمومتها ، ليلي قراءة و مثابرة ونهاري عمل وكدح مستمر ودراسة بجد وتفاني ، انتهت السنة الثانية والثالثة وكان النجاح والتفوق حليفي ، وانتقلت لسنتي الرابعة ، سنة تحقيق الاحلام ، لكني فوجئت بتغيير جذري لاحلامي السابقات ، بدأ شعور يعترني بان الكبر لاح مني خصوصا عند رؤيتي لشعرة بيضاء في مفرق رأسي ، هنا قررت ان اكون كأخي الكبير ، اخي الذي سرقت حذاءه ، متزوج وله صبي وبنتين والبسمة لا تفارق محياه ، ويوم عرف بسرقتي ضحك ضحك لم اشاهده من قبل ، ضحك بآلم وحتى انه وبخني لاني لم اخبره عن احتياجاتي .

كانت حفلة التخرج رائعة جداً،  فيها فقط ارتديت شيئا جميلاً وكان ملكي الخاص لوحدي وليس استعارة من صديق ولم يكن من (الباب الشرقي ) بل كان من محل تظهر صوره في الاعلانات ، اعتمرت القبعة وفي يدي الشهادة ، مبتسم للكامرة التي تصور اللحظة ، وكانت اخر ذكرى لي مع البسمة .

تزوجت وانجبت ثلاث اطفال ، واعمل ( عمالة ) يوم اعمل واسبوع عاطل عن العمل ، اولادي لم يصدقوا انني خريج ولدي بكارليوس تربية ، لان الملابس التي ارتديها في العمل ليست لموظف .

شهادتي اخفيتها من سنوات حتى لا اتذكر كيفية حصولي عليها والثمن ، اليوم انا سارق بنظر نفسي وانتم ايضاً سراق لانكم السبب في سرقة حلمي بالحصول على وظيفة في عراق اللصوص ، ولم اسمع عن بطل حقيقي صادفني طوال عمري .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك