المقالات

شهادتي اصفرت !!!

2064 2021-08-01

 

زيد الحسن ||

 

نسيت احلام الطفولة بعد انغماسي بالندم على مرحلة الشباب وانصهاره بخيبتي الكبرى ، الخيبة في وطني وخسارتي لسنوات طويلة من العمر .

كان عمري اثنا عشر عاماً حين بدأت بفتح بصيرتي على التاريخ وعشقه بصورة جنونية ، كنت ملازماً لكل من يحكي لي عن الثورات العربية والعالمية ، حتى انني رسمت صوراً في خيالي لكل بطل من ابطال هذه الثورات ، ذهب العمر سريعاً وتوقف لبرهة ذاك اليوم الذي اخبروني انني حصلت على مقعد دراسي في جامعة بغداد كلية التربية .

اصبحت لصاً رغماً عني في السنة الاولى في الجامعة ، ولن انسى ذاك اليوم و تلك السرقة ، لم اكن اعير الاهتمام لملابسي ، لقد كانت الرحمة ان الزي موحد، لكن تكمن المشكلة كلها في ( الحذاء ) ، هذا الذي ترونه الان بلا ثمن كان سبب لصوصيتي وشحذ افكاري لاقتنائه لساعات معدودة ، اقنعت نفسي انني لم اسرق فقط استعير حذاء اخي ليوم فقط ، بسبب انني فقدت شسع الحذاء وانا اهرول خلف الحافلة ، كان يوماً ماطراً يوم سرقتي وساعدتني اجواء المطر بعدم ذهاب اخي الى العمل ، ارتديت جورابي المثقوب من اصبعي الكبير ومشيت على اطرافي لاكمل ما خططت له لساعات ، دنوت منه واعتلت شفاهي بسمة عند ملامستي له ، ثوانِ معدودات وهو يركض بي خارج المنزل وصولا الى الجامعة ، انتهى عامي الاول وكانت فرحتي بالنجاح قد انستني مواجع الايام .

سنتي الثانية والثالثة لاتختلف بشيء ، مغبون انا فيها كما يقول الحديث الشريف ( من تساوى يوماه فهو مغبون ) ، لكني كنت احاول ان اغير من حياتي وارفع هذا الغبن عني باصرار عجيب ، وزعت ايام الاسبوع بين العمل والجامعة ،وكنت اعمل من اجل الحصول على المال اللازم لدراستي و ديمومتها ، ليلي قراءة و مثابرة ونهاري عمل وكدح مستمر ودراسة بجد وتفاني ، انتهت السنة الثانية والثالثة وكان النجاح والتفوق حليفي ، وانتقلت لسنتي الرابعة ، سنة تحقيق الاحلام ، لكني فوجئت بتغيير جذري لاحلامي السابقات ، بدأ شعور يعترني بان الكبر لاح مني خصوصا عند رؤيتي لشعرة بيضاء في مفرق رأسي ، هنا قررت ان اكون كأخي الكبير ، اخي الذي سرقت حذاءه ، متزوج وله صبي وبنتين والبسمة لا تفارق محياه ، ويوم عرف بسرقتي ضحك ضحك لم اشاهده من قبل ، ضحك بآلم وحتى انه وبخني لاني لم اخبره عن احتياجاتي .

كانت حفلة التخرج رائعة جداً،  فيها فقط ارتديت شيئا جميلاً وكان ملكي الخاص لوحدي وليس استعارة من صديق ولم يكن من (الباب الشرقي ) بل كان من محل تظهر صوره في الاعلانات ، اعتمرت القبعة وفي يدي الشهادة ، مبتسم للكامرة التي تصور اللحظة ، وكانت اخر ذكرى لي مع البسمة .

تزوجت وانجبت ثلاث اطفال ، واعمل ( عمالة ) يوم اعمل واسبوع عاطل عن العمل ، اولادي لم يصدقوا انني خريج ولدي بكارليوس تربية ، لان الملابس التي ارتديها في العمل ليست لموظف .

شهادتي اخفيتها من سنوات حتى لا اتذكر كيفية حصولي عليها والثمن ، اليوم انا سارق بنظر نفسي وانتم ايضاً سراق لانكم السبب في سرقة حلمي بالحصول على وظيفة في عراق اللصوص ، ولم اسمع عن بطل حقيقي صادفني طوال عمري .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك