محمد العيسى ||
ربما لم يجرأ أحد على تسمية المقصرين الحقيقين في كارثة مستشفى الحسين في الناصرية لكنني على عجالة سوف أشير إلى الأسباب الحقيقية وراء هذه الحوادث المأساوية المتكررة ،والتي تعصف بواقعنا المهلهل بين الحين والآخر .
فمسؤولية اي قضية سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو خدمية لا يتحملها طرف دون طرف ، فالمسؤولية تضامنية شئنا أم ابينا،بمعنى أن يكون لكل طرف حدودا معينة في التعامل والتعاطي مع مفردات هذه القضية ،فلايمكن أن نحمل الحكومة المسؤولية الكاملة دون الأخذ بالاعتبار الأسباب الأخرى ،والاسباب الأخرى حتما يتحملها المجتمع ،فمثلا لايمكن أن نحمل الحكومة وحدها مسؤولية نظافة الشوارع ،دون أن يكون للمجتمع مسؤولية تضامنية في الحفاظ على نظافة البيئة ،وكذا بقية القطاعات،ففي القطاع الصحي مثلا ،مسؤولية الحكومة تكمن في بناء المستشفيات الآمنة والجيدة وكذلك توعية الناس على مخاطر الأوبئة وكذلك فرض القوانين الصارمة ،ان اقتضى الأمر لمحاسبة المتهاونين مع فرض إجراءات الصحة والسلامة ،وكذلك فإن الحكومة مسؤولة مسؤولية مباشرة في مواجهة الفساد المستشري في دوائر الدولة وخاصة في قطاع الصحة ،ايضا على الحكومة التشدد في قضية منع ادخال المواد التي تساعد على أحداث الحرائق كأدوات الطبخ وغيرها.
هذا جانب من المشكلة الاان الجانب الآخر هو الدور الذي يجب أن يضطلع به المجتمع ،الذي غالبا ما يحمل الحكومة والأحزاب مسؤولية اي خراب يحل به ،فلايمكن باي شكل من الأشكال تحميل الحكومة كل أسباب التقصير ولايمكن تحميل كل الأسباب للمجتمع فالمسؤولية كما أسلفنا تضامنية .
ربما لم يسأل المواطن نفسه يوما ،عن الأسباب التي أدت إلى أن العراق يتصدر الدول العربية من حيث الوفيات والاصابات بوباء كورونا ، ومن المقصر في هذا الجانب،والجواب واضح ياسيدي من هو المقصر . المقصر هو المجتمع الذي أخذ يصدق الاشاعات ويتهاون كثيرا مع إجراءات الصحة والسلامة ،فالمجتمع مسؤول مسؤولية مباشرة عن انتشار الوباء ،والذي سيضغط بالنتيجة على دوائر الصحة لفتح ردهات عزل إضافية تفتقد لشروط الصحة والسلامة والتي أدت لكل تلك الكوارث ،وكذلك المجتمع مسؤول عن هذا الانفلات الأمني ،فلايستطيع مثلا اي رجل أمني أن يحاسب من يخرق القوانين ويتجاوز على الحقوق العامة والتجاوز على الملاكات الطبية والأمنية ،تخيل لو أن رجل أمن منع مواد الطبخ في أي ردهة عزل ماذا سيحصل له وكيف يمكن أن يتعامل معه مرافقو المريض أو غيرهم .
الدولة فقدت هيبتها والذي افقد هيبتها هي تظاهرات تشرين وتداعياتها ،فرجل الأمن يشعر أنه غير محم فإن لم تطاله الحكومة بعقوباتها حتما ستطاله العشيرة (بدكاتها)
نحتاج إلى ثورة قيمية مجتمعية ونحتاج إلى حكومة قوية تستطيع أن تعيد هيبة الدولة وتحارب الفساد بشراسة متناهية والافنحن قادمون على حرائق شتى وفي أماكن وقطاعات مختلفة .