المقالات

لماذا بعض النساء في إيران بنصف حجاب؟!

1418 2021-06-19

 

مازن البعيجي ||

 

وجهة نظر ..

إشكالية طالما وردت على ذهن القريب والبعيد عن التشيّع، وكذلك يطرحها بعض متديّني الشيعة من غير ذوي البصيرة في معرفة أصل "فلسفة" "دولة الفقيه" ومالها من تفرّد في أمور كثيرة قد لاتتاح لمن هو في غير إيران، أو قلْ أنّ مثلُ هذا لايملك المعرفة عن الأهداف لمثل النظام الأسلامي في ايران ولاالشيء اليسير عنه، فتراه يتندر وقد يذمّ جهلًا منه وعدمَ وعيٍ بما ليس له به علم سواءًا كان ذلك المتكلم رجلًا أو امرأة!!!

وعلى كل حال ينبغي مناقشة الموضوع برويّة وهدوء وتغليب النظرة الثاقبة التي تحاكي جوهر أي فكرة إسلامية حينما تحتاج الى معالجة بنحو من الموضوعية والواقعية.

والإشكال كما ورد يقول : لماذا نشاهد إيران وهي الدولة التي تدّعي الإسلام وتحافظ عليه عبر بناء المساجد وتطوير المراقد، وتعتني بالمؤسسات الإرشادية بأتجاه ترسيخ الفضيلة وتهذيب النفس داعية الى الاستقامة وتطبيق الشريعة بحرص تام،  بينما نرى الخلل الواضح في الالتزام بالحجاب الاسلامي الذي هو أحد أبرز مظاهر الإسلام الملتزم بقانون القرآن الكريم فضلًا عن وروده قانونًا يوجب التزام النساء به وفق ماجاء في الدستور الأسلامي، لدرجة أن الخلل واضح بمجرد دخولك بعض المدن الإيرانية  كطهران ينتابك شعور وانت تشاهد مايشبه مظاهر دول الغرب؟!!!

والجواب :

أن إيران الاسلامية وبعد نجاح الثورة الإسلامية المباركة بقيادة روح الله الخُميني العزيز الذي هو عالِم وعالَم قد فتَحَ قلبه وروحه على أسرار الآيات وأهدافها ليتّخذ منها معراجًا للأرتقاء وتربية الروح والتي انسجمت تلقائيًا مع حجم المسؤولية القائدة لدولةٍ فيها من الإرث المركب الذي خلّفتهُ سياسة الطاغوت البهلوي المتحللّة أخلاقيّا واجتماعيّا، ماحدا بالإمام الخميني بدراسة المنظومة الخاصة بالشعب الإيراني ليصوغ على إثرها بنود الدستور الإسلامي من المعدن الأصيل لنهج آل محمد "عليهم السلام" عبر الانصهار بالروايات وعمقها المستقى من كتاب الله المجيد، وهذا ما يشهد به ميدانه العلمي والعملي والعرفاني والفلسفي ، وعلى ضوء هذه الرؤية نستنتج مايلي:-

-نظرًا لإيمان كل من يعرف أبعاد شخصية الإمام الخميني وما بعده الامام الخامنئي وما يتمتعان من رؤية ثاقبة وبصيرة ناظرة الى ماوراء الأمور، لابد أن يفكر فيما لو رأى الامام الخميني أن في ردع من لم تلتزم بالحجاب الشرعي من النساء لابد أن تعنّف أو تعاقب مثلا  ولابد من ملاحقة ومحاسبة بعض الرجال لتصرفات خارجة عن حدود الأدب الاسلامي ، تُرى مالذي يحصل غير التمرّد المحتمل بلا أدنى شك، ولتحولت إيران الإسلام الذي يدعو الى الله وسبيله بالحكمة والموعظة الحسنة الى حكم طالبان وقندهار وجحيم لا يطاق تحت عنوان الدولة الإسلامية وحاكمية الإسلام والدستور الاسلامي وهكذا تبريرات!! ولكن مما لاشك فيه أن المؤسس ومن معه ممن تفتّحت لهم "البصيرة" وأصبحوا رجال دولة يمتلكون الحكمة والحنكة السياسية والإجتماعية التربوية على ضوء ما سبق من رسالات الأنبياء والمرسلين "عليهم السلام" في كيفية اخذ التعاليم الدينية على بُعدين:

البعد الاول:

مادامت بعض المخالفات الشرعية  لا تهدّد "التوحيد" أوتقطع الطريق على عباد الله من أن تتجه نحوه "سبحانه وتعالى"وقد أمِنَ الناس شرّ أصحاب تلك المخالفات فلابأس بغض النظر نسبيًا .

والبعد الثاني:

هو عكس هذه الفئة من الناس ولهم حساب شاهِدهُ آيات صارمة وقاسية جدا توجّهُ الحاكم باتخاذ الإجراء ضده وقد جاء في قوله عزوجل:

(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )المائدة ٣٣

اذن هذه الآية هي الضابطة التي تلزم الذين تذهب بهم الى القصاص الفوري او غيره ممن اكتسبوا الدرجة القطعية وكانوا "مفسدين" وتحت "مفسدين" خط احمر أولئك الذين يشكلون خطرا على الأسلام ونظامه وعلى المسلمين، أي كما نسميهم قطاع طريق "التوحيد" ومثل هذا الصنف تعددت حالاته، فمنها الصغيرة التي لا تدخل تحت عنوان "الإفساد" فيغض النظر عنها،  أو لعل منها ما تتطور الى أن تكون ككرة الثلج حال تدحرجها صغيرة ثم تكبر فتهدّد مجتمعًا بأكمله! فينبري المسؤولين بالدفاع عن الدولة وصيانة النظام الإسلامي للقيام بدورهم والوقوف بوجه تلك الأساليب والجماعات التي تتخذ أشكال تنظيمية ضد الإسلام والدولة اوتشكيل خلايا تحريضية لتكون بذلك خطرا لايصلح السكوت عنه.

-أما ما لم يهدّد "التوحيد" ولا يقطع الطريق على عبادة الله عندما تقف المخالفات في حدود فاعلها فقط كما الإخلال بالحجاب والستر، وهذا  في الغالب حاصل في وسط النساء اللواتي يبدين المخالفة من منطلق نفسي تربوي وهن من نفس الملة وتراهن يؤمنَّ بالله "سبحانه وتعالى" وليست كافرات ولكن نجح الشيطان في إغوائهن فزيّنَ لهنّ اعمالهنّ ليخرجن عن دائرة التطبيق الشرعي غير ملتزمات بمطلق الأحكام رغم

سعي الدولة للإصلاح والتوجيه عبر قنواتها التربوية والإعلامية لفسح المجال أمام دعوتهن وتذكيرهن للإستفادة من النصح وعمل برامج تحدّ من تلك الظواهر المخالفة للإسلام تارة وللقانون تارة اخرى والقيادة الحكيمة ناظرة الى تجنب الدولة في احتمالية خلق جبهة معادية وفتح ثغرة أمام الأعداء لاستغلالها كذريعة لمصادرة الحرية الشخصية وماشاكل ذلك

هنا تكمن حكمة دولة الفقيه الواعية   والمسؤولة على صيانة الإسلام المحمدي الأصيل الحسيني المقاوم من التحريف والإلغاء في الوقت الذي تقطع الطريق على فئة من الشعب غير الملتزم دينيا ليقارن بين نظامه والأنظمة الدكتاتورية وهي التي تحارب بشكل قاطع السياسة الأمريكية والاسرائيلية لأنها - السياسة الأمريكية والاسرائيلية - تحمل مشاريع ضد التوحيد (انتبه ضد التوحيد) وليس كل دول الغرب تحمل ذات المشاريع ضد الإسلام وتعلن الحرب كما أمريكا وأسرائيل! وان كانت هناك بعض تصرفات لكنها لا ترقى الى الوقوف بوجه التوحيد وهذا بُعدٌ عميق ودقيق وفلسفة إدارة "دولة الفقيه" المباركة وأهدافها الأخلاقية العليا وهي من تقرر بحكمتها متى تغض النظر ومتى تتخذ إجراء صارم بناءًا على قاعدة أسستها الآية الكريمة آنفة الذكر ..ومما ينبغي ملاحظته بدقة ، أن في كل دولة إسلامية هناك أقليات غير إسلامية كالمسيحية واليهودية والدرزية والبلوشية وغيرها من الديانات التي لاتقرّ الحجاب كما الحدود الإسلامية، نعم قد نجد التستر لأغلب أجزاء الجسم مع كشف الرأس والصدر، وهذا مايجب أخذه بعين الاعتبار لو شاهدنا هذه الظاهرة في مثل دولة إيران الإسلامية، وهذا مايعطي النظام الإسلامي مراعاة حقوق الديانات الاخرى مالم تشكل خطرا على النظام الإسلامي او عقيدة المجتمع المسلم.

أما على مستوى العلاقات الخارجية فهناك أيضًا سياسة تحفظ حقوق الآخرين كما لو سألت عن علاقة الجمهورية الإسلامية بالصين وروسيا وفنزويلا مثلا لترى كم هي جيدة من حيث تبادل الثقة والاحترام والتعاون مابينهم، سأقول: لأن هذه الدول ليس لها مشروع معادي ضد الإسلام ولاتسعى لإثارة الفتن ولا لوضع خطط القضاء الإسلام ونظامه كما فعلت ومازالت تفعل أمريكا والصهيونية العالمية والماسونية عبر ادواتها المتعددة!!!

وعليه: فإن من المحتّم والضروري جداً الإشراف التام والدقيق والحكيم على النظام الإسلامي من قبل علماء وقيادة تتّصف بالعدالة والتقوى والالتزام ووضع أولويات الشعب ومتطلباته وليس كل نظام إسلامي يستطيع تحقيق أهدافه ١٠٠% فالمناط هو حفظ بيضة الإسلام والتوحيد وحرمة النفس الانسانية.

ويكفي شاهدا على أن القاصي والداني والغرب والشرق على حدّ سواء يعترف بالديمقراطية النموذجية للشعب الايراني رغم كل حملات التضليل والاكاذيب.في الوقت الذي هناك شريحة كبيرة لم توفّق للسير نحو النظام الإلهي ويبقى ذلك خللّا فرديّا لايشكل عقبة

في طريق التقدم والنجاح.

وذلك ليصبح كل فرد فـي مسير تكامله وهو بالذات مسؤولًا مباشرًا أمام القانون في حال اي مخالفة تؤدي إلى إضعاف قيادته ونظامه.

 

 

البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك