المقالات

حصافة حكومة المالكي ونضج الشيعة في العراق

1330 16:03:00 2008-04-09

( بقلم : موقع عصر ايران )

– لقد كان عدد محدود من اصحاب الراي يتصورون بان الاضطرابات الاخيرة في البصرة ستنتهي مع المهلة التي حددتها حكومة المالكي لثلاثة ايام باقل قدر ممكن من التصادم بين الحكومة والمتمردين وان يصل الامر الى حد يطلب فيه مقتدى الصدر رسميا من انصاره بان يسلموا اسلحتهم الى الحكومة.

والان وبعد انحسار ازمة البصرة فانه يجب التطرق الى انجازات حكومة المالكي في احتواء هذه الازمة. ان ازمة البصرة لم تكن التحدي الوحيد الذي مرت به حكومة المالكي. فثمة اختبارات عصيبة مرت بها حكومة المالكي هي ذات نطاق واسع منها : التعامل مع اميركا وبريطانيا ، تنظيم العلاقات مع جيران العراق بمن فيهم الجمهورية الاسلامية الايرانية وتركيا وسورية ، مكافحة المجموعات الارهابية مثل القاعدة واحتواء تيار التطرف السني والشيعي و... .

ان تراكم هذه الاختبارات العصيبة جعلت من حكومة المالكي على مر الزمن "نموذجا موفقا ومثالا ملائما للحكم" بالنسبه ل"العراق الجديد".

والحقيقة ان النصر الرئيسي لحكومة المالكي يتمثل في النجاح في التفريق بين المطالب الخاصة لبعض المجموعات والمطالب المنطقية للمجموعات الرئيسية في العراق. فبعد سقوط نظام صدام حسين وبسبب القمع الوحشي الذي تعرض له الشيعة في العراق على يد صدام فانه كان من الطبيعي ان تظهر في المناخ الجديد بعض المجموعات التي ترفع الشعارات الراديكالية ، ان تحركات كهذه كان يمكن ان تتحول الى نيران تمهيدية لفتنة طائفية كبرى في العراق ( وكما ظهرت شرر خطيرة لهذه القضية).

لكن اذا كانت اليوم اضطرابات البصرة (بوصف المدينة بانها القلب النفطي النابض للعراق) قد خمدت في غضون ثلاثة ايام اثر المهلة الحازمة التي حددتها حكومة المالكي ، فان هذا النجاح هو اعمق بكثير من احتواء تمرد في مدينة ما.

ان الدرس الاول من الاحتواء الناجح لاضطرابات البصرة يتمثل في انه لو كانت المجموعة المثيرة للاضطرابات تملك شعبية بين اغلبية الناس لما كانت الحكومة العراقية استطاعت احتوائها بهذه السرعة والقوة. ومن هذا المنطلق فان دعم اغلبية الشيعة لاجراء الحكومة في احتواء مجموعة ما يشكل بحد ذاته نجاحا كبيرا لحكومة المالكي وهذا يظهر بان الشيعة في العراق قد بلغوا مرحلة من النضج السياسي المرجو بحيث ان اي شعار او حركة حادة ليس بامكانها اجتذابهم وان الشيعة يستعدون للاضطلاع بدور وطني في التطورات بالعراق اذ يعتبر المالكي مثالا موفقا لهذا النضج السياسي.

ويجب الانتباه الى ان تمرد البصرة كان بامكانة ان يتحول الى تيار شامل وخطير ، ان الاضطراب في عاصمة العراق النفطية وانفجار انابيب النفط والاضطرابات الدامية في الميناء العراقي الوحيد كان يمكن ان تترك اثارا سلبية فورية على الاقتصاد والسياسة في العراق لكن هذا الامر لم يحدث في ضوء دراية وحكمة حكومة المالكي.

ويمكن استخلاص هذا الدرس من اضطرابات البصرة وهو ان المجموعة التي كانت قد احدثت في السابق اضطرابات في المدينتين المقدستين للشيعة اي كربلاء المقدسة والنجف الاشرف ، يئست او اصبحت عاجزة شيئا فشيئا عن ايجاد التحرك واثارة الاضطراب في "المدن الدينية" وتراجعت وقد فضلت اليوم ان تختبر حظها لاستعراض ذاتها في مناطق اخرى من العراق وهذا يحوي بحد ذاته رسالة ايجابية عن استقرار العراق.

ان حكومة المالكي تمثل الاغلبية الشيعية في العراق وان الشيعة يعتبرونها بانها "منهم". وهذا الامر اضفى متانة خاصة ومصيرية على حكومة المالكي وهي تمنح بدورها القدرة للحكومة للتصدي للمجموعات الهامشية واستمرار هذه السياسة المنطقية يظهر للعالم ان حكومة المالكي هي "حكومة وطنية".

ان الاوامر التي اصدرها مقتدى الصدر لانصاره لتسليم سلاحهم الى القوات الحكومية يحمل هذا المعنى بان الشخصيات الرئيسية للتيار المذكور مضطرة للاعتراف رسميا بالعملية السياسية في العراق الجديد ويتعين عليها دخول الساحة السياسية لعرض مطالبها.

يبقى ان نقول بان كفاءة وحصافة حكومة المالكي في احتواء الازمات الداخلية في العراق تلقي عمليا بظلال من الشك على فلسفة وشرعية "الاحتلال" وهذا الفخر يسجل في التاريخ للحكومة المدعومة من الاغلبية الشيعية في العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك