المقالات

سوالف شارع مكبوت..!


 

ضياء ابو معارج الدراجي ||

 

مقالي يدور حول شباب التسعينات في مدينة من مدن بغداد سميت بالثورة عندما صممها الراحل الرئيس عبدالكريم قاسم في شرق بغداد في اوائل الستينات محاذية لحدود محافظة ديالى الجنوبية الغربية التي وزع قطعها مجانا علي فقراء عشوائية شطيط بيوت التنك المشيدة سابقا خلف سدة الاعظمية (جامع النداء  ومحيطه حاليا) وبقي اسم الثورة يرافقها اكثر من ربع قرن حتى زارها صدام في الثمانينات ليتغير اسمها الى مدينة صدام رسميا لا شعبيا حتى سقوط الطاغية عام ٢٠٠٣ ليسمي سكان تلك المدنية لاول مرة مدينتهم بأسم مدينة الصدر تيمنا بشهداء ال الصدر الاول والثاني وعوائلهم الذي اعدمهم واغتالهم صدام اثناء حكمة المنحرف للعراق.

اعتقد اني استرسلت كثيرا في تاريخ تسمية المدنية و ابتعدت تماما عن محور عنوان المقالة وما يعانيه الشباب العراقي من كبت في فترة التسعينات في كل مجالات حياتهم اليومية والليلية لان اليوم ينتهي بغياب الشمس ليبدأ وقت الليل الوقت الاقسى والأصعب على الشباب وعوائلهم في تلك الحقبة السوداء بسبب المداهمات والاعتقالات والتغيب والتهم الكيدية والباطلة بالانتماء الى احزاب معارضة للنظام القمعي.

كانت فترة التسعينات من اقسى مراحل حياة شباب تلك الحقبة وانا منهم لم يعشها شباب باقي الحقب. كانت فترة حصار اقتصادي دولي خانق مع حصار داخلي عسكري قاتل ما بين فك البعث والخدمة الالزامية و خط الفقر  القاتل والعمل الطويل باجر زهيد الذي لا يوفر الاحتياجات الشخصية وليست العائلية مع انعدام كافة الخدمات واهمها الكهرباء والماء ومنع دخول المولدات الكهربائية الى داخل بغداد مع فترات طويلة للانقطاعات الكهربائية وغيرها من المشاكل ومن يتذمر من الوضع مصيره اسود هو وعائلته.

كانت الدراسة هي الوسيلة الوحيدة للبقاء اطول فترة بعيدا عن كماشة الخدمة العسكرية الالزامية القاسية ومن يفشل سيكون مطارد من قبل النظام حتى يخدم في جيشه او يسجن في زنزانته لهروبه منه وفي كلا الحالتين هو سجين لا يملك امر نفسه ومهان بابشع الاشكال والصور مع الابتزاز المالي لغرض منح الاجازات الدورية في وقت كان الحصول على المال معجزة ربانية.

لم يكون امام الشباب سوى الهروب والتخفي عن انظار ازلام النظام في محافظات الجنوب او في الاهوار او تزوير هويات طلبة او دفاتر خدمة عسكرية تبين صحة موقفهم من الخدمة العسكرية لتخلصهم من المطاردات الصدامية او الحبس ،وثائق تسمح لهم بالبحث عن فرص عمل بسيطة ليوفروا بها معيشتهم ومعيشة عوائلهم الجائعة ، حيث ان الجوع والعوز كانت يشمل كل العراقيين بلا استثناء الموظفين والبعثية وضباط الجيش والداخلية ومنتسبيها ايضا عكس قياداتهم المرفهة ماديا.

لذلك اصبح اغلب الشباب يمر بازمات نفسية يفرغوها في معاقرة خمور رخيصة الثمن ذات الصناعة المحلية او المستوردة عن طريق الاردن بلد التجارة غير الرسمية الوحيدة مع العراق.

ما دفعني لكتابة تلك المقدمة الطويلة هي حادثة حدثت في سوق الحي مكان الصورة الكبيرة للريس في ذلك الوقت ما بين حي الاكراد وسوق الحي في ساعة متاخرة من الليل في التسعينات حيث قامت عناصر البعث وازلام النظام بالقبض على مجموعة من الشباب السكارى وهم عراه بدون ملابس يطوفون حول صورة الريس وهم يصرخون (لبيك اللهم لبيك وحدك لا شريك لك لبيك).

كانت تلك الحادثة اول حدث علني للشباب تعبيرا عن استهزائهم برأس النظام الذي اذل شعبه وحقر ابنائه. لم تكن هناك لا كامرات تصوير ولا إنترنت ولا سوشل ميديا لتوثق تلك الحادثة التي اصبحت حديث الشارع وقصة يتسامر بها الشباب ويفتخر بشجاعة المعتقلين الذي لم نعرف مصيرهم حتى هذا اليوم.

بعضهم قال انهم سجنوا ثلاث سنوات وبعضهم قال تم اطلاق سراحهم بعد ليلة واحدة من الحجز و غيرهم قال تم اعدامهم واخرون قالوا تم تسفيرهم الى وحداتهم العسكرية وسجنوا فيها والكثير من الاقاويل التي كانت ترافق سرد هذه القصة الحقيقة في كل شيء الا نهاية الشباب غير المعروفة ،قصة جرت في شارع من شوارع مدينة الثورة (الصدر) كالاف القصص عن شعب محاصر خارجيا وداخليا وشباب مكبوت تحرر من سجنه بسقوط الطاغية بعد ان عبر مرحلة شبابه الفترة الاجمل من عمر كل انسان عاش على وجه البسيطة الا في العراق كانت الفترة الأتعس بكل المعاني المعروفة لشباب ذلك الزمن التعيس.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك