المقالات

صدام لم يقتل السيد محمد باقر الصدر..!


 

علياء الانصاري * ||

 

نعم، ليس صدام من قتل عملاق الفكر والفلسفة ومجدد الفقه الاسلامي السيد محمد باقر الصدر (رض)، من قتله خوف العراقيين في الثمانينات، وفساد من تاجر بأسمه بعد 2003.

في الثمانيات/ عندما أراد صدام حسين تصفية السيد محمد باقر الصدر ليس لأنه رجل معمم، بل لأنه رجل فكر وعقيدة، لأنه ثائر حرّ، كان يخشى فكره وثورته وحضوره القيادي في المجتمع آنذاك، (بدليل ان الكثير من المعممين آنذاك لم يفكر صدام بتصفيتهم).. وجوده كان يشكل خطرا كبيرا على مملكة الاستبداد التي كان صدام يسعى الى تجذير دعائمها في المجتمع العراقي، لذلك قرر تصفيته، وكان الأمر سهل بالنسبة إليه، فكل من يقرأ تاريخ تلك الحقبة، يجد انه في بادئ الأمر، احتجزه في بيته بواسطة شرطي واحد يقف على عتبه داره.. لعدة أشهر.

لم يتحرك أحد، لم يعترض أحدا او يصدر بيانا، سواء من قبل المؤسسة الدينية آنذاك ورجالاتها أو من عامة الناس، كان الخوف يطبق بأنيابه على الجميع، ومكث السيد واهل بيته في دارهم يعانون شظف العيش حتى يُقال بانهم في آخر الأيام كانوا يأكلون الخبز اليابس مع الماء، ولم يتحرك أحد أو يسعى لتقديم المساعدة لهم .. كان وحده بوجه الطغيان، وكان الخوف جيشا كبيرا يملأ الفراغ من حوله.

وهذا ما جعل صدام يتأكد بان (السيد) لوحده، ولن يشكل قتله أي خطر على مملكة الاستبداد، فعندما اعتقلوه من بيته أمام مرأى الجميع، خرجت العلوية الطاهرة (بنت الهدى) الى حرم جدها، تستصرخ الناس وتدعو فيهم ما تبقى من (غيرة)!! دون جدوى.

نعم تم اعتقل السيد الصدر وأعدامه بسهولة، من فعل ذلك ليس جبروت صدام، بل هو خوف الناس حينذاك وخنوعهم.

وبعد حين من الدهر، عندما سقطت مملكة الاستبداد في 2003، بغض النظر عن كيفية سقوطها، جاء من يحمل صورته ويدعي بانه يسير على نهجه، وبانه مبارك من (السيد الصدر).. ويحمل أسمه، ولكن للأسف، هؤلاء أنفسهم من وصفهم السيد الصدر عندما كان يحاول ان يربي الأمة: (هل كان لديكم ملك هارون الرشيد ولم تقتلوا الامام الكاظم).. سبحان الله، اصبح لديهم ربع ملك هارون الرشيد، وقتلوا الامام والناس وعاثوا في الارض الفساد .. وهم يدعون الانتماء إليه.

وبذلك قُتل السيد محمد باقر الصدر مرة ثانية، هذه المرة على أيدي من يدعون بانهم تلامذته ودعاته.

ولذلك أصبح السيد محمد باقر الصدر (رض) بعيدا عن الأمة التي ضحى لأجلها، بعيدا عن الشباب واليافعين الذين كان يسعى لبناء حياة افضل لهم من خلال الفكر والفلسفة وتجديد الفقه وتقديم النماذج القدوة في الحياة، كما فعل عندما ضحى بدمه، ليرسم بذلك الدم رمزا لرفض الطغيان والظلم، رمزا للثورة والعنفوان، رمزا لمن لا يرضخ للفساد.

نعم كان بوسعه ان يبقى حيّا، كما بقى غيره.. لكنه رفض الحياة على حساب الكرامة وعزة النفس والعقيدة والمبدأ.

الجيل الحاضر، يجهل من هو السيد محمد باقر الصدر، لم يقرأ كتبه ولم يسمع محاضراته ولم يتعرف على ملامحه وصفاته..

وهذه هي مظلومية السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه، مظلوميته لا تكمن في قتل حزب البعث له، بل في خذلان الناس له آنذاك وفي نكرانهم له الآن.

السيد محمد باقر الصدر، إيقونة للحرية والثورة.

هذا ما يجب ان يعرفه هذا الجيل.. كما يجب ان يعرف بأنه بريء من كل ما يفعله مفسدي السياسة.. أتباع هارون الرشيد الذي قتلوا أول من قتلوا، السيد محمد باقر الصدر.

نعم، محمد باقر الصدر، إيقونة الحرية والثورة.

لنعدّ قراءته من جديد، فهو يستحق منا الكثير، يستحق منا الذكرى، والتقدير، والتعلم من نهجه في الحياة.. فدمه الطاهر يستصرخنا دوما، لمزيد العمل والسعي لأجل الحرية والكرامة ورفض كل مظاهر العبودية.

.

باقر الصدر منا سلاما.. كم باغ ٍ سقاك الحماما

لقد نأيت عنا بعيدا.. عندما بلغ المفسدون المراما

لم تنم قرير العين.. لأننا لم نهجر المناما

 

/ *كاتبة من العراق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رسول حسن..... كوفه
2021-04-10
لايحسن اقحام او زج الموسسه الدينيه(المرجعيه العليا) وجعلها احد الاسباب في استشهاد السيد محمد باقر الصدر رض ولو تدخلت في ذلك الوقت لتمت تصفيتها ايضا وهذا ماكانوا يصبون اليه وهو السبب الرئيس لمجىء البعث وصدام الى السلطه فالمرجعيه ليست خائفه على حياة المرجع الاعلى بقدر ماهي خائفه على حياة مرجعية الشيعه في العالم وحفظ مذهب اهل البيت ع وفي تلك الحقبه السوداء لم تكن الثوره ناضجه بما يكفي لتدخل المرجعيه او المؤسسه الدينيه كما سمتها السيده الكاتبه لان نظام صدام كان في اوج عظمته من الدعم الكبير له من قبل ماكنة الدول الكبرى التي هي من جاءت به الى السلطه والتي هي كانت بيدها دفة الامور وصدام هو مجرد دميه تحركها هذه القوى وماكان له ان يقدم على جريمته بحق السيد الصدر لولا اوامر تلقاها ونفذها طائعا غير مكره! ولقد رأينا ماقام به بعده السيد محمد صادق الصدر والتفاف الجماهير من حوله وبدأ ثورته والتي لم تنضج بعد ايضا فماذا كان مصير الثوره والثائرين... هل نقول ان المؤسسه الدينيه خذلته ايضا! فلناتي الى مابعد ٢٠٠٣ وبالتحديد عند صدور الفتوى الجهاديه من نفس المؤسسه الدينيه (المرجعيه العليا) عندما رأت ان الثوره نضجت وان النصر ات الم يتحقق النصر واصبحت المؤسسه الدينيه وشيعة اهل البيت محط اعجاب وتقدير كل العالم بعد تلبية الجموع المليونيه لهذه الفتوى فهل هناك من خذل او تخاذل. واخيرا فالمرجعيه هي صمام الامان للدين والشعب حفظ الله مراجعنا ورحم الماضين منهم.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك