المقالات

الحرية والحياة..رؤية سارتر


 

د.محمد القريشي ||

 

ينظر سارتر، للوجود الإنساني باعتباره فعلا acte وليس حالة état ..

ولفهم هذا التمييز الذي أقامه سارتر، لا بد من أن نتخيل اللحظة الأولى التي وجدنا فيها عراة في هذا العالم إلى جانب كائنات أخرى في الطبيعة. ما وقع واكتشفناه بعد مئات الآلاف من السنين والتطور، هو أننا لم نقبل الحالة التي وجدنا عليها، ورفضناها رفضا تاما، بحيث اننا انتقلنا من العراء إلى اختراع اللباس، ومن السكن في الطبيعة، إلى الأكواخ، ثم إلى القرى والمدن، وحينما لم تعد المدن قادرة على تلبية حاجاتنا أسسنا الدول، وحينما مللنا الأرض، فكرنا في الفضاء، وهكذا يبدو الوجود الإنساني ليس حالة خاما أو جامدة، بل هو عبارة عن سيرورة يختار فيها الإنسان في كل لحظة تاريخية ما يريد أن يكون عليه، ويرفض فيها ما هو عليه، بينما الحيوان ظل محافظا على عاداته وتصرفاته، لأنه مبرمج، ولا يملك الملكة التي نتفوق عليه بها وهي العقل.

الوجود الإنساني حسب سارتر،  "فعل" وليس حالة خاملة. فنحن نرى الإنسان من خلال الأبحاث الأنثربولوجية الخاصة، وقد انتقل بالزواج مثلا، من الإباحية إلى المأسسة التي تقتضي حصول الشرعية القانونية والدينية أحيانا في بعض المجتمعات اليوم. لكننا لم نر يوما مجتمعا للقردة أو الأسود قد أقام مؤسسات ثقافية وقانونية يوثق فيها عقود الزواج أو يقننها.. الوجود  هو انتقال من الإمكانية إلى الواقعية، وهو ما يعني بحرية الإرادة الإنسانية.

ليس في حياتنا عوارض أو ظروف خاصة، فأي حدث جمعي يقع في حياتنا لا يمكن اعتباره حدثا مفاجئا قد صدر من الخارج، ثم تلبّس بنا مجرد تلبس: إن الحرب التي جندت لها هي حربي أنا، فهي صورتي ومثالي، وهي الحرب التي أستحقها، وهذا ما عبر عنه جيل رومان بقوله، «ليس في الحرب ضحايا بريئة». فأنا إذن مسؤول عن تلك الحرب، لأنني ما دمت لم أتخلف عنها فكأنني أردتها. وتبعا لذلك علي تحمل مسؤوليتي تجاه الخيارات التي أقدم عليها، وهذا ما يؤكده سارتر بقوله «إنني مسؤول عن كل شيء، ومسؤوليتي تمتد حتى على تلك الحرب التي اشتركت فيها، كأنني أنا الذي أعلنتها». ما يمكن الخلوص إليه بوضوح ، هو كون الشخص حرا حرية مطلقة، لكنه مسؤول في الآن نفسه عن أفعاله واختياراته، لأنه هو الوحيد الذي اختارها بمحض إرادته...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك