أحمد عبد السادة ||
تفجير ساحة الطيران الإرهابي الطائفي الذي استهدف سوقاً للفقراء الشيعة والذي تبناه "داعش" أعاد للأذهان صورة سابقة قاتمة لبغداد حين كانت فريسة لسيارات وأحزمة التكفير المفخخة والناسفة التي كانت تستهدف تحديداً مناطق وأسواق وتجمعات الشيعة، الأمر الذي يكشف الجذر الطائفي لتلك التفجيرات.
رغم أن هذا التفجير يحمل نفس بصمات التفجيرات الإرهابية السابقة التي كانت تستهدف الشيعة والتي خطط لها إرهابيون بعثيون عراقيون "سنة" واشتركوا بتنفيذها مع إرهابيين تكفيريين "سنة" عرب بهدف استرداد السلطة أو إضعاف السلطة الحالية ذات الرأس الشيعي أو لتحقيق مكاسب للطبقة السياسية السنية العراقية من خلال الإرهاب، إلاّ أن تفجير ساحة الطيران وما أعقبه من استهداف للحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين ذهب ضحيته 11 شهيداً من الحشد لهما هدف مختلف يرتبط برأيي باستنزاف الشيعة من خلال الاستمرار باستهدافهم والضغط عليهم وابتزازهم بالإرهاب بهدف دفعهم مضطرين للقبول بمشروع الإقليم السني الذي تعالت مؤخراً بعض الأصوات السنية للمطالبة بإنشائه بالتزامن مع مطالبات سياسية سنية بإخراج الحشد الشعبي من المدن السنية المحررة من داعش بذريعة انتهاء خطر داعش!!، ومما لا شك فيه أن تلك المطالبات السنية هي امتداد لعمليات استهداف الحشد وقطعاته ومقاره ومعسكراته من قبل الطائرات الأمريكية والإسرائيلية وبالأخص على الحدود العراقية السورية.
التساؤل هنا هو: ما هو الهدف من إنشاء الإقليم السني؟
الجواب هو أن مشروع الإقليم السني يُراد منه أن يكون بديلاً لمشروع "داعش"!، أي أن يقوم بالدور الذي فشل "داعش" بتحقيقه والذي يتمثل بقطع الطريق البري لمحور المقاومة الممتد من إيران إلى لبنان مروراً بالعراق وسوريا، ولا شك أن هذا المشروع هو مشروع إسرائيلي أمريكي سعودي لتحويل الأراضي السنية العراقية إلى خندق متقدم للكيان الإسرائيلي ضد الحشد الشعبي ومحور المقاومة ولتحويل سنة العراق إلى بندقية للإيجار ضد قوى محور المقاومة في سيناريو يعيد للأذهان قيام أمريكا والسعودية باستخدام الدكتاتور المقبور صدام كبندقية ضد إيران في الثمانينيات.
لقد استخدمت أمريكا وإسرائيل والسعودية ورقة داعش في حزيران 2014 بهدف قطع شريان محور المقاومة وإعادة رسم المنطقة بالشكل الذي يخدم الكيان الإسرائيلي، لكن هذا المشروع تمت هزيمته بفضل فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها السيد السيستاني وبفضل تأسيس الحشد الشعبي وبفضل الدور الإيراني الكبير بمساعدة العراق وبالأخص دور الشهيد القائد قاسم سليماني، ولهذا قامت أمريكا لاحقاً باغتيال قادة النصر على داعش الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس واستهداف الحشد الشعبي ووضع بعض قادته على لوائح العقوبات الأمريكية رغبةً منها بالرد على من أفشل مشروعها الداعشي الإرهابي في العراق.
مؤخراً قامت أمريكا بتفعيل وتشغيل داعش مجدداً لاستخدامه كورقة بهدف تحقيق مشروع الإقليم السني بعد تكليفه باستهداف الحشد الشعبي في المدن السنية المحررة لدفع الحشد للانسحاب من تلك المدن، ولهذا لا بد من التصدي بحزم لمشروع الإقليم السني لأنه مجرد غطاء سياسي لعودة داعش والقوى الحليفة لداعش للسيطرة على المدن السنية، ولأنه سيتحول، في حال تحقّقه، إلى كيان إسرائيلي آخر في خاصرة العراق ومحور المقاومة.