المقالات

مدينة فاضلة..

1501 2021-01-19

 

حسين فرحان||

 

نعم، نحن بحاجة إلى مدينة فاضلة، نحن نستحقها وربما نرضى بقشرتها من دون لبها.. فقد أنهكنا البحث عنها.

أصبحنا كأسراب قطا لا تلبث إلا قليلاً، و”لو تُرك القطا لغفا ونام”.. مدينتنا التي نحلم أنْ نراها كسائر المدن، مدينة تغفو على خرير ماء دجلة والفرات، وتحلم بسواعد سمراء تقيم قواعد ما تهدم من مجدها، وتزيل الغبار عن نقوش سومرية وبابلية، صرفت الأنظار عنها ناطحات سحاب الخليج وأبراجه، وأشاح بوجه العالم عنها دخان حروب طويلة وصراعات لا يحلو للبعض أنْ تغادر هذه السماء النقية إلى حيث لا رجعة..

نحن بحاجة إلى حاكم واقعي وحكيم، لا يحلم كثيراً كـ(دون كيشوت)- فيُترك لمحاربة الطواحين- ولا طواحين لدينا- فيفرح بالنصر وهو لم ينتصر بعد.. 

نحلم تارة بملك يحكمنا فيجري فينا حكم الملوك ورعيتها.. ونحلم بنظام جمهوري يحكمنا ولكن ليس كتلك الأنظمة التي حفرت القبور لنا.. نحلم بنظام برلماني، ولكن ليس كنظامنا الذي أساء تطبيق هذا النوع وخنقه بالمحاصصة، نحلم كثيراً بصلاح الرأس الذي يستقيم بصلاحه شأن هذا الكل المنهك من الجسد.. ويحلم بعضنا بحاكم كافر عادل من دون أنْ يضع في ذهنه نوع الحكم!

لسنا أسرة صغيرة في مسلسل يقصدها (أبو العلا البشري) ليطبق نظرياته الإصلاحية عليها في سبيل انتشالها من (فقر، فساد، جهل، كسل)، فيفشل لأنَّ الدنيا تغيرت ونظرياته أصبحت بالية لأنها مستوحاة من تجارب الأجداد الخالية من أدوات هذه الأجيال، لسنا قرية يرث الحكم فيها شيخ العشيرة الجديد عن شيخها القديم...

لسنا محلة أو زقاقاً يدير شأنه المختار، ولسنا مدينة حتى، إننا وطن، والوطن بحاجة لحاكم من طراز خاص ونظام حكم يناسبه ليضع النقاط على حروف كلماته المبعثرة بعد أنْ يجمعها بشكل لائقٍ ليعيد صياغة جملة وطنية عراقية خالصة بامتياز.

أخبرني رجل عجوز كنت التقيته قبل عشرة أعوام أنَّ العراق بهذه المحاصصة لن يفلح، وأخبرني بأنَّ الأوطان كالبيوت بحاجة إلى من يدبر أمرها.. لم يتحدث عن مؤشرات عالمية ولم يذكر تسلسل البلد فيها، لم يذكر مصادر الدخل ولا النفط ولا البورصة، لم يذكر شيئاً من هذه المصطلحات، بل اكتفى بقوله: “على الحاكم أنْ يبني للعيال بيتاً ولا يقطع عنهم الخبز”، وهذه هي الحقيقة، فسعادة الشعب أنْ يكون آمناً مستقراً، ومطمئناً برزق يأتيه رغداً لا يقلق بشأنه، وهو ما نعبر عنه اليوم بالتوزيع العادل للثروات، وربما هو تأمين السلة الغذائية.

هل الأمر صعب إلى هذه الدرجة التي أعقبها العجب: “عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه’”.. فأين مقتضيات الحكمة إنْ زعمها المتصدي؟ وأين مقتضيات الدين إن تبجح به البعض؟.. 

دولتنا الفاضلة التي نحلم بها ليست من الأمر الصعب ولا هي ضرب من ضروب الخيال، فإنَّ تحت أرضنا كنزاً وفوقها كنزا وفي مائها وهوائها.. وانَّ كل ما يجعلها فاضلة ألا تترك نائمة على ضفاف النهر تحلم.

...............

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك