المقالات

جرس إنذار قد يكون متأخراً !!


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

مَن يسرح بنظره عند ساعات الصباح الاولى، يلاحظ بوضوح، طبقة سوداء، تُطبق على افاق العاصمة بنحو دائري، وكأنها كف عملاقة، تمسك بخناق بغداد، محاولة كتم انفاسها!!..

هذه الطبقة السوداء السميكة، هي عبارة عن خليط من الأدخنة والأبخرة الناتجة عن حركة السيارات، والمصانع والمعامل، المنتشرة في  ارجاء بغداد، فهناك اكثر من مليوني سيارة تسير في شوارع بغداد وضواحيها، من اصل نحو (٧) ملايين سيارة في عموم العراق،  بالإضافة إلى الدراجات النارية، وما تعرضت له العاصمة من غزو "تكتكي" غير مسبوق!!، وماينجم عن هذا الزخم من اختناقات مرورية لاتطاق، تتسبب بهدر كبير في الوقت، وتراجع في الإنتاجية، فضلا عن التوتر النفسي الذي تسببه لسالكي الطرق، وما ينجم عن هذا التوتر من حوادث مرورية، قارب عددها (١١) الف حادث مروري عام ٢٠١٩، أدت إلى وفاة اكثر من ٢٦٠٠ إنسان عراقي، وإصابة نحو  ١٢ الف اخرين.

وهناك مخاطر أخرى، تتمثل بالمواد الملوثة، من المصادر الصناعية، مثل المعامل والمصانع بمختلف اشكالها وأصنافها، وكثير منها، لاتتوافر على الشروط الصحية ولا البيئية ، لاسيما تلك المنتشرة بين الأحياء السكنية، التي  تسببت برفع مناسيب ثاني أوكسيد الكاربون ، وهناك مشكلة أخرى تتمثل بوجود اغلب الصناعات العراقية، بالقرب من الأنهار، من دون مراعاة الشروط والمتطلبات البيئية، ما تسبب بحدوث تلوث كبير في المياه.

ولنا ان نتصور المشهد بوجود هذه الأعداد الهائلة من السيارات، وهي تسير في شوارعنا، مطلقة لعوادمها العنان لإعدام البيئة، وتلك المصانع التي تسببت بمشاكل كبيرة، كيف ستكون بيئة العاصمة؟، في ظل مخاوف كبيرة من انخفاض معدلات هطول الأمطار خلال الثلاثين سنة المقبلة ، وما ينتج عن هذا الانخفاض، من ارتفاع في درجات الحرارة،؟؟ معنى ذلك اننا سنواجه اختناقا حقيقيا، وهنا لست بصدد اثارة رعب الناس، بقدر ماهي محاولة لقرع جرس إنذار مبكر ، للقيام بخطوات معالجة استباقية لما ستشهده البيئة من تداعيات خطيرة، ستواجهها الأجيال القادمة ، والمعالجات المطلوبة، ربما تكمن في تبني سياسات اقتصادية صديقة للبيئة، كما ان الحال يستدعي زيادة كفاءة الموارد المائية، ويرتبط بهذا الجانب، زيادة الخزن المائي ، وتحسين نظم الري والبزل، وفي سياق اخر، فان مواجهة تهديد البيئة، يتطلب أيضا إيقاف طرح المياه الثقيلة إلى حوضي نهري دجلة والفرات، وسائر الأنهار، وزيادة المساحات الخضر، فضلا عن وضع سياسة محكمة من خلال إصدار قوانين او قرارات وتعليمات، تنظم عملية استيراد السيارات،  هذا الملف الذي يمثل احد اخطر التحديات التي تهدد البيئة في العراق، عدا ذلك، فإننا مقبلون على مشهد بيئي، ينذر بخطر كبير.

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك