المقالات

لايحقُّ لكم التحدُّثُ بالديموقراطيةِ بعدَ اليوم

1158 2021-01-08

 

محـمد الجاسم ||

 

     لم يكن متوقعاً أن يقوم رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، بتوجيه جماهيره للقيام بمثل ما رأينا بوسائل الإعلام وبالنقل المباشر، كيف اقتحم أنصار دونالد ترامب مبنى الكونگرس الأمريكي في واشنطن العاصمة ، ولخطورة الموقف استدعي الحرس الوطني،واثناء محاولات التفريق حدث اشتباك بين الطرفين، قتل على أثره أربعة أشخاص،منهم إمرأة،وهي أول من قتل برصاصة مسدس من شرطي،وكانت مجندة سابقة في الجيش الأمريكي،كما وأصيب العشرات.

     كأنَّ ما حصل من مسار التصعيد، يشبه برنامجاً سينمائياً بصورٍ مروِّعة ،حيث يقوم حشد من الغوغاء بتحريض من الرئيس (المخلوع)ديموقراطياً،ترامب بغزو مجلس النواب ،ويتعاملون مع موجودات المكان بالفوضى والتحطيم والسرقة،إنها عملية غير مسبوقة، وتُعَدُّ المرةَ الأولى التي يحصل فيها اقتحام الكونگرس الأمريكي، منذ أن أحرق البريطانيون مبنى (الكابيتول) بعد معركة (بلادينسبيرگ) في الرابع والعشرين من آب/ أغسطس من العام 1814م، خلال الحرب التي نشبت بين أبناء العمومة في الولايات المتحدة من أهل البلد الغاصبين الأوائل ،والمحتلين الأنكليز، على أثر غزو الولايات المتحدة لعاصمة كندا العليا (يورك)،ومناطق أخرى مثل (تورونتو وأونتاريو)الحاليتين اللتين كانتا مستعمرتين بريطانيتين، وكان ذلك في معركة (يورك) في العام 1813م، ويسجل التأريخ أن القوات الأمريكية في هذا الغزو نهبت وأحرقت وهدّمت حواضرَ مدنيةً ومبانيَ مهمةً مثل مبنى برلمان كندا العليا ،وترتب ـ نتيجة ذلك ـ  حريق واشنطن الذي دمر البيت الأبيض ونهب الرعاع منه أشياء كثيرة ونفيسة وتأريخية.

      تكررت هذه المغامرة المرعبة يوم أمس واليوم،حين اقتحمت مئات من أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبنى الكونگرس في واشنطن العاصمة في الوقت الذي يحدث فيه حسم النزاع حول إتهامات الرئيس المهزوم ،التي يكيلها للرئيس الفائز، بتزوير الأصوات وبطلان طريقة العدّ والفرز. يتحدث الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وقناة (CNN) الإخبارية عن "هجوم على الديمقراطية الأمريكية". لقد كان بالفعل إنتهاكاً للأعراف الديموقراطية التي جرت عليها العادة في الإنتخابات السابقة وتسليم السلطة بشكل آمن.وقد أعد ترامب جيوشاً من القانونيين والموظفين للقيام بنشر أساطير (مؤامرة) لا أساس لها، وقد تم دحضها بالفعل،قانونياً أيضاً، حول تزوير الانتخابات المزعوم.

     لقد رصدت كاميرات الإعلام العالمي العديد من المتظاهرين المقتحمين ممن يحملون علامات يمكن التعرف عليها بوضوح ،تدل على اليمين الأمريكي، أو أعلام ورموز طوائف، أو قبعات تابعة لمناصري ترامب. وهذا يشير الى التمزق الحاصل في مجتمع دولة الديمواقراطية المزيفة،التي لم تصدِّرْ الى العالم الخارجي سوى سوء السمعة،وشوه الصورة،وهذا ما يمثله بالتحديد، نشر الصحافي والناشط اليميني (إيليا شافر) صورة له في المكتب المحتل لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.

     الولايات المتحدة الأمريكية ،هي الدولة الأكثر تدخلاً في شؤون الدول الأخرى في العالم،وكلُّ تدخُّلٍ،يكون تحت جناح وذريعة حماية الديموقراطية وحقوق الإنسان وحق التظاهر السلمي.واليوم نرى المتظاهرين الأمريكان الذين اقتحموا مبنى الكونگرس، وبدعم وتوجيه مباشر من الرئيس ترامب،الذي تلوّثت سمعته الدولية بسلسلة من الحماقات العدوانية ضد الشعوب الإسلامية كإيران واليمن والعراق وسوريا،وبلدان أخرى لها علاقة بضرورة تأمين أمن إسرائيل القومي ،هم الأخطر في العالم على الديمواقراطية وحقوق الإنسان،وكان بعضهم يحملون أسلحة،كما فعلوها في التظاهرات الميليشياوية المسلحة قرب البيت الأبيض أثناء الحملة الإنتخابية،وتراجع حظوظ ترامب،الأولية حينذاك.

وَرُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل.

ناصرية ـ دورتموند / ألمانيا

7 كانون ثانٍ 2021

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك