المقالات

تعلموا من عفة هذا الطفل


علي الخفاجي

أمس ليلا" ، وقد قاربت درجة الحرارة صفرا" مئوية ، اضطررت للذهاب  الى مركز المدينة لأداء بعض الالتزامات ، ولقد لفت انتباهي وانا التفع بعباءتي ، طفل صغير ضم ذراعيه الى اضلاعه ، وركبتيه الى صدره ، مستجمعا بخار زفير انفاسه الرطبة بيديه الصغيرتين ، للحصول على لحظة دفيء ذاتية غير مستوردة .

ولم يطل تساؤلي عما حدا بهذا الصغير الى تحدي هذا البرد القارص في هذا الليل ، بعد سبق نظري الى آلة حساب الوزن التي وضعها أمامه ، من اجل كسب شيء من المال ، وقد شاركها في الجلوس على كارتونة ورقية ، على قارعة الطريق التي اصطكت اسنان المارة من برد اجوائها .

استوقفتني هذه اللوحة المؤلمة ، وحاولت اقناع نفسي من اجل دفع الشعور بالذنب والتقصير الذي استولى علي من غير اختيار ، بأنني سأشارك في حل مشكلة هذا الصغير ولو نسبيا" ، فهممت بإعطائه شيئا" من المال بطريقة لائقة ، عله يرحم نفسه مما تفعله ريح الشتاء الباردة في جسده النحيل ، ووفقت على الميزان كي أقيس وزن نفسي لادفع له المال مقابل ذلك ، ووصل المال الى يد الطفل الصغير وكان إكثر من أجرة أخذ الوزن بكثير .

أخذ الطفل الورقة النقدية مني وقال( عمو قياس الوزن لمرتين بربع ) ، وذهب مسرعا" بعد معرفة عدم وجود ( الربع ) الفئة النقدية المطلوبة ، الى ناحية الشارع المكتظ بالباعة ، وهو يقول (عمو ) انتظرني لحظة كيما أصرف هذه الورقة النقدية وارجع لك الباقي ، فقلت له عمو لاأريده ، فرد قائلا لماذا ؟ انا لست سائلا" وبقية المال حقك ،

قلت له : استبق المال عندك لعلني أقوم بقياس الوزن عندك مرة أخرى ، لكنه أبى ذلك ، بينما إتحدث معه مدهوشا" بعزة نفسة وعفته ، مر بنا موكب مهيب تخفق وراء صاحبه النعال ، فخطر في بالي خاطر بغض النظر عن تهم الفساد ، مفاده : ماذا يحدث لو أخذ صاحب الموكب بعض عفة هذا الطفل ، وتعامل مع المال العام بمروءة ، وتنازل عن اطار جديد من اطارات سياراته ويستبدلها بآخر( نص عمر ) ليحل  بثمنها مشكلة هذا الطفل ويعيده على الأقل الى صفوف الدراسة ؟، كم طفل سننقذ من شوارع الليل والبرد الذي يفتك بهم ، ببعض إطارات يتنازل عنها ( علية القوم ) ؟

 

علي الخفاجي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك