المقالات

لصوص نهارية..!


 

الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

          واحدة من الصفات الرذيلة التي لطالما أكدت الآيات والروايات على مقتها وضرورة إقامة الحد عليها هي السرقة, التي تعمل على كبكبة الاوضاع وضياع المستحقات, وشياع الفساد بين العباد بطريقة ممنهجة وفنية؛ لذلك حارب الاسلام بكل ما أوتي من الحول والقوة مبدأ السرقة وفي عموم مفاصلها ومختلف هيئاتها ومجالاتها, وشرع بذلك القوانين والآداب التي من شأنها أن تحافظ على كيان الأمة من السراق فأوجب قطع أيديهم ليرتدعوا ويكفوا عن فعلهم الدنيء والذي قد يتسبب بضياع العباد والبلاد.

          ومما تجدر الاشارة إليه في القصص الغابرة وحيكايات جدي أن السراق كانوا يركبون الليل للبحث عن الستر والغطاء في الوصول إلى مآربهم وغاياتهم الخسيسة؛ لذلك كان السارق محكوم عليه بالجبن والخبث أيضاً, ولم يتشرف شريف بالانتساب إلى هذه المجموعات الليلية الوقحة؛ بل حتى أن الناس الذين يبحثون عن الاعتبارات الدينية والاجتماعية والقيمية صاروا يحابون فساد السراق؛ ليحافظوا على التوازنات الاجتماعية والحياة الكريمة البعيدة عن الكدرات, وكانت الحكومات هي الاخرى تعمل من أجل محاربة الفساد سيما فيما يتعلق بملف السراق؛ لذلك كان السارق يشعر بأن الجميع يلاحقه فيبتعد عن الرذيلة إلا إذا اضطر لذلك.

          أما اليوم فالأوضاع مختلفة؛ لأن السراق تركوا ظلمة الليل وتحولوا إلى عنوانات كبيرة كالمؤسسات المختلفة والوزارات المعتبرة؛ بل ورئاسة الحكومة بمسمياتها الكبيرة والحاكمة, فأصبح الفاسد محترماً والفساد مهنة يتداولها الحكام والمتسلطون على رقاب الفقراء والمستضعفين, وأخذوا يشرعون القوانين تلو القوانين؛ لجعلوا البلاد وثرواتها أسيرة رغباتهم التي اتفقوا على تضمينها في الموازنات والمصروفات والمكافأة التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ بل زادتهم حجبا بينهم وبين الحقيقة التي لا يمكنهم رؤيتها, فأخذوا يساوموننا على لقمات العيش, وقطرات العلاج, مما يضطر بذلك المواطن إلى الانزياح نحو مستنقعهم الهاوي والمتهالك.

          إن من المناسب أن ندرك جميعاً بأن الحقوق لا تعطى؛ بل تؤخذ, وإن السراق كما كانوا في الماضي يدخلون إلى البيوت ولا يخافون العجائز والنساء والشيوخ وإن علموا بدخولهم إلى البيت وسمعوا طرق أقدامهم على السطوح والجدران, كذلك اليوم فالسراق الذين عمدوا إلى سرقة الوطن والثروات جهاراً نهاراً لا يخشون الاحزاب التي تشاركهم ولا الشيوخ والعجائز؛ بل يخشون قوة الشباب وصيحة الاقلام المدوية التي يمكنها أن تسلط الاعلام وتسخر الامكانيات والقدرات الوطنية الشريفة للحد من هذا الاسراف والاستخفاف بالحقوق العامة لهذا الشعب الجريح, فعلى الجميع أن  لا يستخف بقدرته وصوته وقلمه من أجل هذا الوطن وشعبه الذي بات أسيراً بين الوحوش المتكالبة عليها من الداخل والخارج ويسرقونها في وضح النهار ليعلنوا أن مرحلة السرقات تحت جنح الظلام ولَّى, فاليوم السراق يقودون ويسرقون في النهار جهاراً وأعلاناً.     

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك