المقالات

الطائفية والقومية بين الإنكار والإقرار


 

د.حيدر البرزنجي||

 

 أنماط التفكير في العراق  ،تميل في الغالب إلى المبالغة في الإنكار كما المبالغة  في الإقرار ، فأما أن ينكر الطائفية والقومية معاً  ويدينها علناً بكل قوة - رغم انها قد تكون كامنة فيه - وأما أن يدافع عنهما حتى الذوبان فيهما والصراع من أجلهما  ، مع اتهام كل من يخالفه بأنه طائفي وغير وطني  .

الفكر السياسي الحيوي - لايفعل هذه ولاتلك ورغم ان الوصول الى مرحلة الفكر السياسي تعد مرحلة متقدمة وقد وصل اصحاب الفكر السياسي بعد اجتازوا المراحل التي الثلاث قبل الوصول الى هذه المرحلة - فمفكرو عصر النهضة في أوربا لم يتنكروا للبروتستانت ولا للكاثوليك - ولم يعتبروهما كارثة ينبغي القضاء عليهما معاً - بل قدموا بديلا يتمثل بدولة الرفاه والعقد الاجتماعي ، تركوا الكنائس تغص بالمصلين كل حسب طائفته - ولم يمسوا حقّ  رجال الدين (الإكليروس) في اعتبار كل كنيسة هي الأقرب للدين ، لكنهم اقنعوا الناس ان (الدين لله والوطن للجميع) أو (اعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر) وقيصر هنا هي دولة العدالة وحقوق الإنسان ، وهكذا نجحوا بأن لايضعوا المجتمع في خيارات قد تكون صعبة أومستحيلة .

لو كان الفكر السياسي العراقي الذي مازال في مرحلة الوعي الابتدائي الذي لم ينتقل الى مرحلة الفكر السياسي يمتلك القدرة على استثمار وتحويل تلك المفردات (المحاصصة - الطوائف - الطائفية- العشائرية ) إلى حالة فاعلة بدل أن تكون معرقلة ، لما وجدنا أنفسنا ندور في حلقة مفرغة ،نلعنها في الظاهر، كي نبرئ أنفسنا ونوحي بأننا وطنيون ومتطورون تجاوزنا كل هذه المفردات  .

تاريخ العراق الحديث هو تاريخ حكم الطوائف ، كما كانت  عليه الخلافة الإسلامية دولة القبائل والعوائل والبطون ( الأموية – العباسية – العثمانية)  هذا ماينطبق على الكثير من الشعوب كذلك ، لكن المتطورة منها ، أعترفتْ أولاً بواقع تكويناتها ، ومن ثم انطلقت  في بناءات جديدة ، مستفيدة من كل ما هو متوافر في مجتمعاتها والنماذج في الشرق الاوسط عديدة .فلامشكلة في التنوع  بذاته ، بل في كيفية النظر إليه . وهنا تاتي مرحلة خلق الصراع واستبدال اختلاف التنوع الى اختلاف تضاد وجعل التنوع منطلق الى زعزعة الاستقرار المجتمعي بدل توظيف التنوع في الجانب التاصيلي في الفكر السياسي كي يتحول إلى وحش الاغلب يتهرب منه ويخاف البوح به كأنما يشكل مثالبة وبالتالي اشارة القرآن الى هذا التنوع بأجمل و أبهى صورة حيث قال تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك