لقد اعتاد دجلة ان يحتضن جثث ابنائه بهدوء يتناسب وانسياب مائه ، يسير بهم بين غريق وقتيل ، بين جثمان كامل أو مفروم بمفرمة البعث ! أو يشهد ذبحهم عند ضفافه ويخالط مائه دمائهم في مشهد حزين لا يقل حزناً عما شهد عليه الفرات من مصرع سيد الشهداء ونحر اولاد مسلم عليهم السلام .
لم يستغرب دجلة فعل البشر على مر العصور وهم ينتهكون حرمة الانسانية ويجعلونه شاهدا ً على جرائمهم بل مركبا ً يدفع ما اقترفت ايديهم الغادرة بعيدا ً ولم يفكر دجلة ذات يوم ان يسلم صورة انعكاسهم على سطحه الى المعنيين !! حتى استفاق على صورة انعكاس لأم تهم بإلقاء اطفالها الى احضانه فاستعد ليستقبل امانة سبق لنهر النيل ان حفظها وتوقع ان تدفع ايدي الام الناعمة صندوقا ً يحمل الطفلين وتستودعه ايهما بدموع كلها امل ان يصل الصندوق الى بر الامان ، تسائل دجلة متعجبا ً لماذا تقف هذه الام بعيدة ًعن ضفافي ولماذا انعكاس نظراتها على سطحي يكسر صفو انسيابي وهنا تناثرت جزيئات الماء بصوت مدو وشهق دجلة شهقة ضم فيها الاجساد المغدورة التي سقطت من شاهق .
الأم القاتلة هو الافراز الجديد لمعاناة مجتمعنا الذي شاب وهوينتظر ترقيع ثوبه والاخذ بيده ورفع معنوياته قبل ان تتلاقفها نوازع الشيطان او تسقط في بئر الاهواء .
المرأة العراقية الان هي البركان الخامد الذي بدأت جمراته بالتطاير هنا وهناك لتدق ناقوس الخطر فالمرأة تحمل ضغوطا اضافية على ما تحمل من مسؤوليات هي بالاساس لم ترد عليها كتكليف وإنما تقدمها من باب العطاء حتى باتت تكليفا ً واقعيا ً فصارت هي محور المنزل الذي يضيع بغيابها الجميع وصارت تطرق باب التوظيف لاعانة زوجها أو اهلها لتتحمل المزيد ولكن كل ذلك لم يدفعها يوما ً لرمي اطفالها أو لقتل زوجها الا باستثناءات محدودة غير ان العالم يسجل تواتراً مخيفا ً في هذا المجال فما السبب ؟ وما هو الحمل الاضافي الذي تتكبده هذه المخلوقة؟ .
سأكتفي بالاشارة لنقطة دون تحليل لجملة اسباب, اليوم المرأة تعاني ضغطا ً رهيبا ً سببه الاعلام , الاعلام الذي كان يقدم المرأة كلعبة مزينة بابهى حلة أوحلوى شهية دون ستر يقدمها كنموذج لسنوات مضت والجديد اليوم انه يفرضها كواقع لابد للجميع الخضوع على مقاساته وهنا وقعت الواقعة !
لابد للمراة ان تظهر بمظهر يناسب ما يطرحه الاعلام والا ستصغر في عين المجتمع والزوج ! ولكن كيف ستوفق بين مسؤولياتها والمسؤولية الجديدة ؟ فالذي طرح النموذج لم يبين على اي انقاض ستدوس المرأة حتى تبلغ هذا الهدف ! والمشكلة الاكبر حين يدفعها زوجها لذلك دون طلب فيكفي ان يطيل النظر في التلفاز وتلمع عيناه امام تمايل فلانه وضحكة فلانة حتى ينصهر داخلها دون ان يلتفت او ربما دون ان تلتفت وهنا يستغل الشيطان الامر ويتحالف وهوى النفس للايقاع بالفطرة السليمة فتجد المرأة نفسها تنجرلعلاقات مشبوهة لا سامح الله في رد على خيانة تلمسها من زوجها ولو على قدر التعلق بشاشة التلفاز ! أو انها تجد نفسها خارج حياته لانها لا تمتلك تلك المواصفات فتشعر بفراغ والرغبة بالانتقام وكل ما تقدم قد لا يكون سبباً لهذا الحادث او ذاك غير انه سيكون بلا شك سببا ً لنحر وحدة الاسر العراقية والعربية في المستقبل القريب ،
المرأة العراقية بسيطة ومتواضعة وترضى بالقليل فقط امنحها بعض الدقائق واقتص من وقت مشاهدة الموبايل أو التلفاز وقدم لها عبارة شكر وأمتنان لكل ما تقدم أو امتدح غذاءا ً تعده حينها لن تدخل السرور لقلبها فقط بل ستحفظ اسرة وترضي رب وتكبح جماح النوايا السيئة التي ستكبر بداخلها جراء الاهمال أو التعسف في المعاملة فتتجه للانتقام او الانحراف لاقدر الله وهو ما لايليق وشخص المراة العراقية التي سيكون لها دور واضح في مستقبل يكون فيه للعراق نقطة الاشراق في احقاق الحق ودحر الباطل على يد صاحب الامر عج .
https://telegram.me/buratha