المقالات

حمى الفساد..!


 

خيرالدين الهادي الشبكي||

          لا يخفى أن الفساد عاهة كبيرة سار مجرى الدم في جسد الكثير من الناس حتى استفحل فتصور الفاسد أنه مصلح, ويتبرجح بين القوم ولا يعلم إلا تشخيص فساد غيره دونما الالتفات إلى نفسه التي أوغلت في تيه الضلال فصار هو الضلال الذي أخذ يعكس ظلماته في المجتمع بعيدا عن كل هداية أو رجوع إلى الحق؛ لأنه قد ختم على قلبه فلم يبقى فسحة لبريق الامل ليستقيم بها أمره ويتوجه نحو التخلص من درن الانحطاط المترتب على تراكمات الفساد الذي ساد حتى عُذَ محاربه محارباً ومصارعاً للجبل.

          ومما ينبغي أن ندركه أن الظاهر يحكم بأن الجميع يحارب الفساد, والحال أن الكثير متورط به من حيث يعلم أو لا يعلم, فأما الذي لا يعلم فذاك الجاهل وقد يكون قاصراً, وأما الذي يعلم فنراه يتفنن في سوق الذرائع ليبرر لنفسه الفساد الذي بات يعتاش عليه الكثير من الناس وفي مختلف الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.

          ومن المناسب أن نعلم أن الفساد لا لون له و طعم ولا رائحة في ذاته ولكنه يفضح صاحبه بمجرد أن يبتلى به, ولا يتحدد بزاوية دون اخرى فالطبيب الذي يتاجر بمهنته الانسانية فاسد والعالم الذي يقدم علمه ليفترش لنفسه مكانة في المجتمع فقد فسد رأيه, والمعلم الذي أسرف في ضياع وقت الدرس لهواً فاسدٌ, والجندي الذي يقضي وقته بين الغفلة واللهو فقد ضيَّع ميثاق الشرف الذي يقصده الجندية في حمل القضية الوطنية, وعموم الموظفين الذين بات همهم تعداد ساعات الدوام دون أن يقدِّموا خدمة فقد اقتنعوا بالفساد المقنع, والحكومة بأركانها التي ارتضت أن تكون وسيلة لضياع حقوق الوطن والمواطن فاسد, ففي كل زاوية من زوايا المجتمع قد نجد فساداً وفاسدون, وأعظم من كل ذلك أن يكون الفاسد مدافعاً عن فساده غير متأسف ولا نادم حتى يفوته الرجوع الذي منعه الحجب, فيكون المآل إلى التيه والضلال بين الناس, فلا يستقيم أمر في المجتمع ولا يستجاب الدعاء وإن تعالت الاصوات وبلغت القلوب الحناجر.

          إن مسؤولية الجميع الوقوف بوجه الفاسدين الذين يشرعون للفساد, ومقاومة الفساد قد يبدأ بشخص أو نفر كخطوة الالف ميل؛ لكنها مع اصرار المصلحين نصل إلى الخطوة الاخيرة, فبيت الفاسد ضعيف وإن أظهر قوته, وقوة الاصلاح كبير وإن قل أنصاره؛ لذلك فالجميع عليهم أن يجتهدوا في طلب الاصلاح ويسعوا إلى ذواتهم وكل من منطلقه وعمله ووظيفته, لنحقق المرتبة الاولى فننطلق منها إلى الآخر فيسهل علينا حينما تكون النوايا صادقة والعزيمة ثابتة والهمة عالية, وعلينا أن نعلم أن النجاح يبدأ بالعلم والمعرفة وهذا السرَّ دفع أسلافنا إلى أن يصطفوا على أبواب المكتبات كما نصطف اليوم على أبواب المقاهي والاسواق والحليم بالإشارة يفهم. 

           

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك