المقالات

موقف مع دكتور معاق ..... إسمهُ سليم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحياة بحقيقتها الجوهرية مجموعة مواقف دقيقة تمر عليك تاركة ً اثر وخط سير لمستقبلك ، فالعمر الحقيقي هو كم الدقائق التي نعيشها مع الله ونعيشها مع الحق الذي يرتضيه .

اليوم سأسلط الضوء على موقف مر في الماضي ترك أثرا ً لا يستهان به ومن باب عرض الاثر للفائدة من جهة والامتنان للمتسبب من جهة اخرى ارتأيت تدوينه .

الدكتور سليم محمد رضا احد اساتذة كلية الهندسة جامعة بغداد هو رجل الموقف الذي مررت به ، دكتور سليم كان يعاني من اعاقة اعتقد ان سببها هو مرض شلل الاطفال وكان دخوله للصف يشكل عبأ على قلبي وأنا استشعر كم الجهد الذي يبذله ليتحرك حركة بديهية للانسان السليم فلقد كانت اوردة يده اليسرى تظهر جليا ً وهو يعتصر بها قدمه الخاملة ويحثها على التقدم ! كان وجهه يصتبغ بالاحمرار وهو يكتب على السبورة كعلامة لذلك الجهد المبذول.

ذات يوم أديت امتحاناً في مادته وهي مادة الالكترونيك وكان الامتحان لايخلو من دقة على عادة هذه الكلية واتذكر جيدا ً ان فكرة الحل لم تلح في بالي الا في اللحظات الاخيرة وحمدت الله ان استطعت ان اثبت الفكرة على الورقة وحين جاء موعد استلام نتيجة الامتحان كانت الدرجة صفرا ً !!! وهي درجة غير مستغربة في قسمنا لكن المستغرب ان الفكرة التي وضعتها كانت صحيحة ولكني استخدمت بوابات الكترونية كثيرة ولتبسيط الفكرة اكثر للقارىء فالسؤال ممكن حله باستخدام اربع بوابات واستخدمت ما يفوق العشرة لكن كتأدية المطللوب فالبوابات ستنجز العمل وهذا ما دفعني للذهاب الى الاستاذ والاستفسار حيث لايوجد خطأ علمي يستوجب الصفر .

استجمعت شجاعتي وذهب اليه اذ انه ليس من السهل ان تكلم دكتور في امر كهذا استمع لي وانا اشير الى الورقة ولا اجرأ ان ارفع وجهي في حضرته وظلت عيناي تراقب رسم البوابات وهو يعطيني الجواب والذي كان مختصرا ً جداً ( لن اخرّج مهندسا ًمسرفا ً !!)

كان الجواب صاعقا ً استدرت ورجعت الى مقعدي ولدي قناعة واحدة ان الرجل معقد لاسباب صحية ! وأدى صفره الذي ثبته لي لمعاناة صيف كنت ادرس فيه مادته بلحاظ الاقتصاد !!!.

مرت السنوات تلو الاخرى ولم التفت الى الاثر الا عندما تصديت لمواقع بالعمل كانوا يختارونني لها كجزء من مجموعة خاصة في مجال دراسة جدوى فكل مقترح اقدمه يؤخذ ويناقش بجدية في حين كنت الحظ ان بعض الاقتراحات ممكن نسفها بجملة وكنت اعتبر الشخص الذي يطرحها شخص يستهين بالمقابل وأتالم لهذا حتى ادركت الفرق ، ان الشخص المقابل لم يقصد الاهانة بل ان ادوات تفكيره ناقصة فإما ان يكون أهمل الوقت أوأهمل الجانب الاقتصادي أو أهمل جزئيات اخرى بحيث لم تكتمل عنده الصورة بكل عناصرها .

وهنا ظهر لي أثر التربية الصحيحة التي رباني بها استاذي الفاضل الذي جعل لحاظ الجانب الاقتصادي ركنا ً من اركان القرار في أي مسألة ! وصرت ادعو له كثيرا ً واستغفر لسوء الظن الذي حبسه له قلبي على مدى صيف كامل .

واللطيف ان الموقف يتكرر علي بنحو معاكس حين اوزع اوراق امتحانات الطالبات فتأتي لي الطالبة مستغربة لبعض الملاحظات التي ممكن ان انقصها عليها او ان اوجهها لها حتى في مجال التبذير في ورقة الامتحان وترك اسطر فارغة ! فهي ترجع لمقعدها متمتمة وفي داخلي ابرأ لها الذمة في ما سيحمله قلبها لي لحظيا ً والذي امل ان تلمس له اثرا ً ذات يوم وتدعو لي كما ادعو لاستاذي الذي اعطاني صفراً واحياني عمراً .

وعلى الرغم ان المواقف تتكرر لكن هناك امور تغيرت بالفعل فالماضي كان يحمل ادبا ً فلا استاذ يواجه بعنف ولا يُستهزأ برأي بل يقبل او يرفض على مضض ، أما الان فالشخص الداعي الى الاقتصاد والزهد (وهو مفصل مهم في الاسلام) والشخص الحريص على المجتمع يواجه بالسخرية والاساءة وينشغل السطحيون بقص كلمة من النص والرقص على حروفها !!!

حروف كلمة ( نستلة ) تراقص عليها الجهلاء وتركوا فحوى النص المهم لاصحاب العقول لينهلوا منه ! لكن اهل العقول ليس الرقص من شيمهم لكي يلفتوا الانتباه ولكن الدعاء هو سلاحهم وكل عمل يلحظ فيه عدم الاسراف على اثر التوجيه الصحيح سيكون شهداً (نستله) في فم العامل به ومشاركة الثواب مع الموجه الى ما شاء الله .

أجمل ما في هذه الحياة ان تعيش بلا ياء نسب فكل شي في يدك إما ان يكون بعنوان نعمة أو امانة أو فضل لمن رباك ووجهك .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك