المقالات

ضاحكة مستبشرة..!


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

          الصفات التي يمكن أن تكون ملفتة للنظر هي ليست كثيرة؛ باعتبار أن هذه الصفات قد قليلة مصاديقها في الوجود وليست متاحةً للجميع وإن كثُر الساعون إليها؛ وكأن هذه الصفات هي التي تختار أهلها وليس لنا ان نختارها, ولطالما كانت هذه الصفات هي المايز الأكثر تأثيراً على الآخرين, وهذا الأمر بحد ذاته كان سبب انجذاب الامة إليها, وجعلها من الثوابت التي تعمل على استقامة الدين وسلامة السريرة, وقد اتضح من دعوة الاولياء أنَّ التوفيق لها يستلزم عدة مقدمات عميقة أبسطها الاخلاص لله تعالى والعمل على وفق مراضيه لترقى إلى أن تكون من الوجوه التي وُصفت بأنها تكون ضاحكة مستبشرة.

          ومن المناسب أن نلحظ أن هذه الصفات كانت تلازم الشهداء السعداء أكثر من غيرهم, والمعلوم ان الشهيد عنوان الكرامة وسرُّ استمرار الانتصار؛ وإن الذي يصنعه دم الشهيد يعجز عن صنعه غيره, ولهذا نجد في الاسلام تأكيد على الاهتمام بالدعوة إلى الشهادة والتركيز على مكانة الشهداء, وتميزهم عن غيرهم وإن كانوا على قدرٍ من الايمان والتقوى, فقد ورد في الأثر النبوي  الشريف قوله صلى الله عليه وآله: (فَوْقَ كُلِّ ذِي بِرٍّ بَرٌّ حَتَّى يُقْتَلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِذَا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ بِر), والذي يتوفق لهذه الرتبة الكبيرة يليق به أن يترك خلفه ثغراً مبتسماً ضاحكاً, ليكون مصداقاً لقوله تعالى: (َ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَة), ومن أليق بالشهداء ليكون مصداقاً لهذه الدرجات العالية, زيادة على ذلك ما يجده من الكرامة عند الله حتى نقل عنهم أنهم يتمنون الرجوع إلى الدنيا ليقتلوا ألف مرة لما وجدوه عند الله من الحفاوة والكرامة للشهداء.

          ومن الجدير بالذكر أن العباد الصالحين لله تعالى يدعون بعضهم للبعض الآخر للتوفيق إلى الشهادة, وكلما كانت الدعوة صادقة كانت الاستجابة واقعية كالتي حصل بين الشهيدين المهندس والسليماني, فلم يرضى أحدهما ترك صاحبه ليفجع به, فكانت النهاية التي ختمت بالعزة والكرامة, ضاحكيْن مبتسميْن بعد حياة زاخرة بالعطاء قربة إلى الله تعالى ليجزيهما الله تعالى جزاء المحسنين بالشهادة الخالدة والتي كانت موضع آمالهما ليرتقيا سلم العروج إلى الله بوجوهٍ مسفرة, ومن المهم ان ندرك ان مسيرة الشهادة لم تبلغ محطتها الخيرة فهي مستمرة مع وجود الصادقين المقبلين على الله تعالى بقلوبٍ موقنة بالجزاء والهناء, وما لم نتوفق إلى رؤيته على وجوه الشهيدين ارتسم على مُحيا الشهيد وضاح الشبكي اليوم حينما عرج هو الاخر سلم الخلود وانتصر على نفسه ليواكب سبيل العاشقين نحو خلود ونعيم, فكانت الابتسامة العريضة التي نشرها الشهيد وضاح الشبكي على وجهه موضع تأملٍ عند الجميع؛ بل سارع الكثير إلى الدعوة من الله تعالى أن يرزقوا ما رُزق الشهيد, وبلغت الههم القمم عند المجاهدين علّهم يحصلوا على درجته التي اتضحت بتلك الابتسامة الهنية.

          إن الذي ظهر على وجه الشهيد يؤكد صدق الروايات التي كنا نقرؤها ولم نكن نتصورها, ففي احدى الروايات إنّ الشهيد إذا ارتقى فأول قطرة من دمه غفرانٌ لجميع ذنوبه بعد ان يسقط رأسه في حجر زوجته من الحور العين, ولعل الشهيد وضاح قد استحقها بجدارة, فاختار الله له الحور العين عوضا عن خطيبته التي تركها بعد أن رزق الشهادة وهو ضاحكٌ مستبشرٌ.    

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك