المقالات

مسيرة الاصلاح والاتجاه المعاكس


 

الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

توافرت الادلة على أن الاصلاح مشروع سماوي, فالله تعالى شأنه تبنى مسيرة الاصلاح وأكد عليها في مختلف الشرائع والمناهج التي كلَّف بها أنبياءه  وأولياءه,  وعلى هذا فان دعاة الاصلاح ينبغي أن يتحلَّوا بما يناسب دعوتهم, ولا يصح أن تكون هناك مفارقة بين حقيقة الدعوة إلى الاصلاح وبين الوسائل والادوات, ولطالما توافق مبادئ الدعوة إلى الاصلاح ومناهجها التي تعتمد في التطبيق, وأما إذا ثبت العكس فلا يمكن أن نزيد على الاوضاع إلا مزيداً من الفساد الذي قد يتزيَّن بثوب الاصلاح, فمثلا نتفق على أن سيارة المرور حينما تسير في الطرقات وهي مخالفة لاتجاه المسير كيف يمكنها أن تمنع الآخرين أو تهديهم إلى الاتجاه الصحيح, وكيف لدعوته أن يكون مؤثراً في حركة المرور وانسيابيتها.

        والاصلاح السياسي من أهم مرافق الاصلاح ويتوقف عليه الكثير من الجوانب الاخرى كالجانب الاجتماعي والاقتصادي والتربوي والصحي...إلخ, فاذا فسُد الواقع السياسي في وطن ينعكس واقعه على كل ما يتعلق بالوطن, ويصعب عملية الاصلاح بشكل كبير؛ لذلك فإن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة بتعيين الافراد الذين ثبت ولائهم لأحزابهم على حساب وطنهم إنما هو تكريس لدور الاحزاب وارضائهم على حساب الشعب وقدراته وكفاءاته, وليس من المتوقع بعد هذا الاجرار إلا مزيداً من الفساد والانقلاب على عملية الاصلاح المنشودة, والذي أحدثته هذه الحكومة يتنافى تماماً مع مطالب الجماهير الواعية التي لا يمكن خداعها بالتعيين أو استمالتها بالمناصب كالذي حصل في تقسيم المناصب على الابواق المأجورة فخنست؛ لأنها في الاصل لم تكن دعوات وطنية.

        إن المسير عكس الاتجاه لا ينحصر بالتوجه السياسي, فالمجتمع الذي فقد الوعي والبصيرة لا يستحق غير هؤلاء السياسيين الذين يعيشون على خيرات العراق ويعملون لصالح دولٍ أخرى منحتهم الجنسية فمنحوها ولائهم وطاعتهم, وأما الشعب ففي الغالب لا يستطيع هو الآخر اصلاح نفسه فضلاً عن مجتمعه, فعلى سبيل المثال نجد أن جميع المدخنين للسكائر يقرؤون التحذير عليها بالخط العريض ولكن ليس لهم القدرة على الامتناع عنها؛ والنتيجة ملايين الموتى سنوياً نتيجة التدخين المضرِّ, وهكذا فالكثير يفشل في محاولة اصلاح نفسه فكيف يمكنه اصلاح الآخرين, ومن جانب آخر نجد فشل المجتمع في التوعية والعمل بها, ففي حالات الوفاة بفايروس الكورونا المستجد نرفع لافتات مكتوب عليها: نعتذر عن استقبال المعزيين والبعض يزيد عليها بقوله: امتثالا لتوجيهات المرجعية الرشيدة نعتذر عن استقبال المعزيين؛ بينما هو يعقد مجلساً للعزاء ويستقبل الناس وإذا تخلفَّت عن تقديم العزاء له قد يترتب على ذلك الفتور في العلاقات وغير ذلك؛ لذلك نقول نحن فعلاً بحاجة إلى مراجعة أنفسنا, وإذا أردنا التغيير فعلينا بتغيير أنفسنا أولاً ومن ثَم نتوجه إلى الآخرين, وقد قال تعالى: (إن الله لا يغيِّر ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم), وأما إذا استمر بالناس بالمسير عكس الاتجاه فلا يزيدهم إلا بعداً عن الاصلاح.      

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك