المقالات

لا حاجة إلى الاضراس في عقدة تحلها الانامل..!


 

الشيخ خيرالدين الشبكي||

 

          تقضي الحكمة وضع الشيء في محله وجعله بالقدر الذي يستحقه دون زيادة او نقيصة, والحكيم هو الذي يتوفق لذلك وقد ذكر القرآن الكريم أن من أوتي الحكمة فقد أوتي الخير الكثير, إذ قال تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ‏ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْباب‏), فعلى هذا الحكيم لا يناسبه التهور أو التعجيل بالحكم على الظاهر الذي يظهر وإن ظنَّ الناس تحقق الامر واستقراره.

          وفي الحياة اليومية والعملية يصادف الانسان العثرات والمشاكل المختلفة التي يمكن أن تعكِّر صفوه وتتسبب له بالقلق والضجر, ويستلزم العمل على معالجته بروية ودراية, فسبيل المعالجة متنوعة ومختلفة؛ لذلك ينبغي ان نتحلى بالواقعية في التعامل مع كل حادث وطارئ؛ بل ومع كل ما يمكن ان يحيط بنا من المعوقات, وينبغي في محاولات المعالجة اتباع الخطوات مرتبة من الاقرب فالأقرب وصولاً إلى المعالجة, فمثلا الصنائعي أو الميكانيكي حينما يصادفه عطب في عمل المحركات أو الآليات بشكل عام, يمكن أن يكون أمامه خيارات عدة محتملة لهذا العطل, والحكمة تقتضي أن يبدأ بأيسرها ثم يتدرج للوصول إلى باقي الاحتمالات ومن ثم المعالجة, ومن الخطأ أن يبدأ بالبعيد او الصعب؛ لأن الصعب يكلفه الكثير وقد لا يكون السبب منه, وهكذا الطبيب الذي يقوم بمعالجة مريضة فالمهم هو التشخيص الصحيح وبعد ذلك ينبغي مراعاة أسهل طرق العلاج وأقلها ضررا على الجهاز المناعي للجسم, ويختار العلاج بقدر يناسب العمر والوضع والظرف؛ ولا يبدأ بأقوى العلاجات التي من شأنها أن تهدم الجهاز المناعي ويؤثر على الجسم وصحته من جوانب أخرى كثيرة وإن عالجت الحالة, فتحديد العلاج وقلته من مصلحة المريض بشكل أو بآخر.

          قطعاً إن قاعدة دفع الضرر بأقل الخسائر منطقي قبل يكون أن يكون أمراً عقائياً, فالذي يحتمل دفعه بعود من المنطق ان لا يدفع بعامود, وكثيرة هي المسائل الاجتماعية التي قد لا نحسُن التصرف معها فتضيع على جميع الاطراف, فكم من حالات الطلاق اليوم كان يمكن معالجتها بطرق اخرى أيسر بكثير من هدم أعظم ما بني في الاسلام وهو الزواج, وقد حاول الاسلام كثيراً تحديد الطلاق بشروط صعبة لمنع وقوعها على عكس الزواج الميسر, وكم من الحالات التي انتهت بالقتل او السجن كان يمكن معالجتها بوسائل اخرى يحفظ بها الدماء ويدفع ثقل السجون وذلها.

          أن من الحكمة أن يكون الانسان على قدر المسؤولية, فهو خليفة الله في أرضه, وقد فضله الله تعالى على سائر مخلوقاته, فمن ادرك ذلك كان كما الملائكة ؛ بل أعظم منهم, ومن تغافل عن ذلك فقد وصفهم القرآن بقوله تعالى: (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ‏ هُمْ‏ أَضَلُ‏ سَبِيلا), وعلى هذا فإن الحكمة تقتضي البحث عن الحلول الميسرة في معالجة الامور والابتعاد عن الحلول المكلفة والتي قد تزيد الطين بلة, وأكثر المشاكل قد تعالج كالعقدة الرخوة بالتعقل فلا نحتاج إلى الاضراس في عقدة تحلها الأنامل.      

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك