المقالات

كورونا في جدر هريسة..!  


ضياء ابو معارج الدراجي

 

منذ عشرات السنيين وربما قبل ولادتي كان الفكر الحسيني مزروعا في جذور عائلتي رغم ما مر بها من ازمات مالية وسياسية ونفسية ألا انها لم ولن تنسى او تترك تلك العادة التي زرعتها فينا منذ الصغر في ايام محرم الحرام، عادة تعتبر من اولياتنا العقائدية زاد ابو علي وطبخ الامام الحسين ع السلام .

منذ ان فتحت عيني وانا ارى الوالده حفظها الله وهي تقاتل في سبيل جمع اموال الحبية والهريسة الحسينية وملحقاتها تطبخها ليلا وتوزعها نهارا قبل الثمانينات وبعد الثمانينات رغم الظروف السياسية والامنية التي حاصرت تلك العادة السنوية والتي ترافقت مع منعها صداميا وبعثيا واعتبرت ضد النظام القائم بعد دخوله الحرب مع دولة تعتبر المذهب الشيعي دين الدولة الرسمي وما زاد الطين بله حصار قاتل في حقبة التسعينات بسبب غزو صدام للكويت لتجتمع الظروف السياسية والاقتصادية السيئة معا لكن لم تنقطع تلك العادة ولم تتقاعس عن أدائها الوالده حفظها الله في دارنا ولا سنة واحدة وكانت بعض الأحيان توزعها ساعات الفجر او نهاية الليل بعيدا عن أنظار البعث الصدامي خصوصا في ليلة العاشر من محرم حتى لا تسبب لنا او لوالدنا رحمه الله الاعتقال وخصوصا بعد ان وقع الوالد رحمه الله مرغما تعهدا شخصيا في مقر الشعبة الحزبية بعدم اداء اي شعيرة حسينية او رفع راية حسينية فوق سطح دارنا منذ عام ١٩٨٠.

عندما جاء الفرج عام ٢٠٠٣ وسقط الساقطون وتحققت الحرية استمرت هذه العادة في بيتنا واصبحت سباقا تنافسيا بين بيوتات جيراننا ومنطقتنا والمناطق المحيطة  كميا ونوعيا مما حقق اكتفاء ذاتي للفقراء من الطعام الحسيني لمدة ٧٠ يوما من اول محرم الحرام مرورا بصفر الى التاسع من ربيع الاول(فرحة الزهرة).

الهريسة الحسينية ومشتقاتها واضافاتها على مدار ١٧ عام قضت نحبها في نظامنا السياسي الجديد بعد ٢٠٠٣ ورغم ما مر بها من نقد وانتقاد من فرقاء عقائديون وسياسيون ،تارة بالحرمة وتارة بالاسراف والتبذير وتارة اخرى بالتنكيل وتارة بالتدليس واخرها ان الحسين لا يحتاج منا الطبخ والطعام لكنهم نسوا ان هذا الطعام لا ياكله الحسين او العباس او القاسم او الزهراء عليهم السلام وانما يذهب الى بطون فقراء جياع واولادهم وعوائلهم وهذه هو الأساس الاول من التكافل الاجتماعي الذي تحقق ضمن الثورة الحسينية ذات الابعاد العقائدية والسياسية والايمانية مع رسائل كثيرة التي وجهتها الثورة الحسينية الى الامة الاسلامية والتي تحتاج الى مجلدات كثيرة لذكرها وليس مقال قصير لا يتعدى  ٣٠٠ كلمة او اكثر.

مع مرور ٤٥ عام على علاقتي مع هريسة محرم الحسينية وما مرت به من تحديات في منزلي منذ طفولتي وحتى كهولتي لم تقطع سنة واحدة وها هي اليوم في سنة ٢٠٢٠ تواجه تحديا اخرا هو التحدي الصحي حالها حال كل الشعائر الحسنية الباقية مع انتشار واسع لفايروس كورونا القاتل بين اوساط الفقراء من ابناء شعبنا الذي اصبح فرصة للمضاد الاخر ان ينفث سمومة ضد الشعائر الحسينية على امل ان تتوقف سنة واحدة على الاقل لتكون مسمار جحا للمطبلين ان يتشدقوا بها كل سنة اذ ما مرت بهم ظروف مماثلة بان العراق خلال سنة ٢٠٢٠ كان مثقفا وواعيا ترك دينه من اجل صحته، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا في اخماد الشعائر في ظل كورونا  فكيف تقتنع والدتي حفظها الله بان حياتها اهم من الطبخ الحسيني الذي كانت تمارسة طوال حياتها للثواب والبناء الاخروي حتى وان كانت كورونا في جدر الهريسة وهي التي لم تخشى الموت الصدامي الدموي القاتل سابقا حتى تخشى كورونا الان ،كما انها مؤمنه بانها حياتنا سوف تنتهي يوما ما بالمرض او بغير المرض، وكيف تقنع المحب الحسيني ان لا يحضر مأتم حسيني او موكب حسيني او اي شعيرة تدرج ضمن الثورة الحسينية او مسيرة اربعينية الى كربلاء الحياة، كما ان المرجعية الرشيدة اثبتت ان استمرار المذهب الجعفري مستمد من استمرار الشعائر الحسينية لذلك طلبت ممن يقيمون الشعائر اتخاذ تدابير الوقاية الصحية ضد المرض من تباعد جسدي ولبس الواقيات الاخرى على الوجة والكفوف ولم تطلب ايقاف الشعائر ولن تطلب ذلك ابدا.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك