المقالات

علامات الدولة


عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

ليس من علامات الدولة ، ان تتحرك دبابات الجيش بناء على أوامر  احد الضباط ، لاقتحام مقر الإذاعة والتلفزيون ، وإعلان إسقاط الحكومة ببث البيان رقم (١).. كما ليس من علاماتها ان تكون قوانينها ، مطاطة ، تُفصّل ، على وفق مقاسات الذوات !!،.. وليس من علامات الدولة ، تقييد الرأي وتكميم الأفواه ، بدعوى المحافظة على الامن القومي !!.

ليس من علامات الدولة غياب الحدود الفاصلة بين حريتي وحريتك ، بسبب غياب القانون ، او عدم تطبيقه من قبل أدوات تنفيذه ، كما ليس من علاماتها ، شيوع الفوضى الإعلامية ، وغياب ، اي ضابطة من ضوابط الالتزام المهني بمباديء حرية الاعلام  ومسؤولية الكلمة..

ولكن ، من علامات الدولة ، وجود عملة وطنية ، ذات قيمة معنوية وشرائية محترمة ، ومن علاماتها ، أيضًا ، وجود قوات أمنية ، ولاؤها  للوطن وتحرص على حمايته ، ولا يفكر ضباطها ، باقتحام القصر الرئاسي او مقر التلفزيون الحكومي ، في ليلة تنقطع فيها الكهرباء ، ويغيب فيها القمر ليعلنوا من هناك نجاح الانقلاب وتشكيل "مجلس قيادة الثورة" وإلغاء جميع القوانين السارية !، ومن العلامات ، وجود قانون قوي ، يسري على الجميع  ، لايكون فيه الاستثناء  اوسع من القاعدة  كما هو الحال في حظر التجوال الكوروني!..

ومن علامات الدولة ، ايمان  ابنائها ، بهيبتها  ، فلا يحتفظون في بيوتهم بالقاذفات والبيكيسيات  ومختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ، وربما الثقيلة احيانا ،فمثل هذه الأسلحة ، يجب ان تكون بحيازة القوات الأمنية فقط وفقط ، لانها هي المعنية بحماية امن الناس ، .. ومن العلامات ، وجود اقتصاد قوي ومتين ، يضمن للناس عيشهم الكريم ، عبر تأمين نظام صحي وتعليمي وخدماتي متكامل  ، وتوفير المزيد من فرص العمل ، ومكافحة الفقر وامتصاص البطالة وتوفير السكن الملائم ، ومن علامات الدولة ، وجود قطاع خاص فاعل ومؤثر ، وجسد حكومي رشيق ، قادر على  ان يتحرك بسهولة ، من دون قيود الروتين والبيروقراطية ، والفساد ، .. ومن العلامات ، ان يكون البلد مرتبطاً بشبكة علاقات اقتصادية وسياسية مع مختلف بلدان العالم ، تقوم على أساس تكافؤ المصالح المتبادلة ، بعيدا  عن التدخلات غير المشروعة ، من هذه الدولة او تلك بشؤون البلد الداخلية ، .. وعلامة أخرى من  علامات  الدولة ، ضبط  الحدود البرية والبحرية والجوية  ، فالكثير من البلاء يدخل إلينا عبر المنافذ الحدودية ، لاسيما البرية منها  ! ..

ومن العلامات  ، الفصل بين السلطات ، وفك الاشتباك في الصلاحيات ، و ،تعزيز الادارة اللامركزية وتحقيق الحكم الرشيد ، وتطبيق الأساليب التكنولوجية الحديثة في تلك الادارة .. ووجود  قطاعات إنتاجية فاعلة تمثل محركات اقتصادية ورافعات تنموية مهمة .. وعلامة أخرى ، تتجسد ، بالتزام  الناس  بتعليمات ، التباعد الاجتماعي القسري ، اتقاءً لخطر كورونا المستجد  ، ولكن من اهم العلامات الفارقة للدولة ، هو التبادل السلمي للسلطة ، ولعل هذه العلامة ، تعد الأظهر  بروزا في المشهد العراقي، بصرف النظر عما يشوبها من اشكاليات ترتبط بالية النظام الانتخابي، والايمان الجماهيري بالانتخابات، ..فمنذ ٢٠٠٣ إلى ٢٠٢٠ ، لم نشهد من يتمرد او يرفض تسليم السلطة لخلفه ، وقد تجسد ذلك في اخر عملية لهذا الانتقال السلمي السلس ماحدث يوم السابع  من أيار ٢٠٢٠ ، عندما  شهد القصر الحكومي عملية تسليم السلطة من الحكومة السابقة  برئاسة السيد عادل عبدالمهدي ، المستقيلة  على خلفية التظاهرات التي شهدها العراق في مطلع تشرين الأول من العام المنصرم ، وهذه أيضا تعد واحدة من علامات الدولة المهمة ، ان تستقيل  حكومة منتخبة ، استجابة لضغط الشعب، التي ينبغي ان ترافقها علامة ضبط إيقاع العملية السياسية ، وتلك العلامة تتمثل بتنظيم العمل الحزبي وفق آليات تنسجم والمسارات الحقيقية للديمقراطية الصحيحة ، مع قانون انتخابي متكامل يغلق الباب أمام اي  مراهقة سياسية قد تؤدي إلى افساد ثمار  البناء الديمقراطي السليم.

العلامات كثيرة ، ولايمكن الإحاطة بها جميعا  ، إنما حاولنا جمع مايمكن جمعه منها  ،  في سلة واحدة، ولكن قد نسهم في عصف افكار الآخرين، لكي يبحثوا عن المزيد من العلامات، وصولا لتوسعة المساحة الإيجابية للدولة ، وزيادة غلتها ، بما ينفع الناس ويزيد من تمسكهم بدولتهم والمشاركة في بنائها  ..

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك