المقالات

ماذا لو غرد الحمار على الشجر؟!


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

          عسكرة المتناقضات في حياة الناس أصبح من الطبيعي ؛ بل ظاهرة عامة  وعلى المستويات المختلفة وكلٌ بحسبه, وقد بات ملفتاً للنظر عند المتأملِ, والحال أن اجتماع النقيضين وإن اتفق لعارض إلا إنه من السفاهة واختلال التوازنات, لذلك لا يمكن أن نتصور أن الحمار يغرد وهو صاحب الصوت المنكر المستقبَح عند الكثير ولا يمكنه زيادة على ذلك ارتقاءه الشجر فهذا من المحال الطبيعي كما لا يخفى على اهل البصر والبصيرة .

          إن تغريدة السيد ترمب الهجينة والتي يدعوا فيها إلى حقوق الاخوة الكرد؛ بل يشترط لقاءه بالسيد رئيس الوزراء وجود ممثلي الجارة (كردستان), وهذا الأمر ظاهره يكشف عن حرصه على حقوق الشعب الكردي الذي نؤمن به وليس هناك فردٌ في العراق لا يعترف بحقوق الشعب الكردي ونضاله وتحمله الاذى والحيف والظلم أبان العهد السابق؛ ولكن هل يا ترى أن السيد ترمب يبحث عن حقوق الكرد ليصرَّ على وجودهم في اللقاء؟ أم أن ذلك ذريعة نحو مزيد من الضغط على حكومتنا العزيزة التي أذلت نفسها بلقاء ترمب وقبولها شروطه واملاءاته التي ستثقل العراق بالديون والفشل المتجدد وينهي طموح العراقيين في الوصول إلى تحقيق أدنى سبل النهوض أو الاستقرار, أن تناقض السيد ترمب واضح في منهجية التي تعامل بها مع الشعب العراقي عموما ومع الكرد بشكل خاص, فلا يخفى أن كردستان كانت على حافة الهاوية بعد دخول داعش إلى شمال العراق وغربه, ولم تحرِّك أمريكا طائرة واحدة من أجل كردستان ولم تقدم جندياً للدفاع عنها ولولا رجالات الجمهورية الاسلامية وسلاحها وعتادها لما بقيت مدينة او قرية إلا ودخلها داعش, فأين كان السيد ترمب من حقوق الشعب الكردي.

          أما تغريدة السيد رئيس الوزراء الذي شكر فيها السيد ترمب على هزيمة لداعش فهي أكثر فضاعة مما سبق, فالكل يعلم والسيد ترمب كذلك ليس غبياً فهو يعلم أن الناس تعلم أن داعش الحقيقي هو أمريكا, وأما هؤلاء السفهاء والسفاكين فهم أدوات الشيطان الأكبر, تتنقل بهم حيثما تشاء وكيفما تشاء, وعليهم السمع والطاعة لا غير؛ فهل يعقل أن السيد رئيس الوزراء لم يسمع ولم يعلم بذلك؟ أم أن الأمر مبني على جمع المتناقضات, هيهات ثم هيهات, أين حقوق الشهداء والجرحى؟ أين حقوق الكلمات التي خلَّدتها التاريخ للمرجعية الرشيدة والتي غيرت المعادلات؟ أين حقوق الاخوة الذين تركوا أوطانهم لتمتزج دماءهم بدماء أبناء العراق بعد وقوفهم صفاً واحداً في خندق العزِّ والكرامة دفاعاً عن العراق وأهله, أين حقوق الثكلى من الامهات والنساء بعد فقدهنَّ الابناء والازواج؟.

          اليوم ينبغي الواقعية على من يريد أن يغرد؛ فليس لهم أن يضحكوا على المؤمنين ولا على عامة الناس مرة أخرى, الكل أصبح يدرك أن من المتناقضات أن تبحث القنصليات الامريكية عن حقوق أهل الجنوب سيما البصرة والناصرية فقد كانتا عصيتين على الغزاة, وأما من يتصور نجاحه مع الشيطان الأكبر وقد انساق وراء وعودها واصطف معها وكان سببا في قتل النفس المحترمة وخلق الفوضى والعبث بالمال العام والممتلكات العامة فعليه أن يدرك أن الاصلاح يتناقض مع ما ذهب إليه وإن لم يستوعب اللعبة فهو ليس ببعيد عن الحمار الذي يغرد على الشجرة.   

 

 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك