المقالات

لا تعطني سمكة؛ ولكن علمني كيف اصطادها  


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||

 

          مبدأ التكافل الاجتماعي دليل وعي الشعوب ورُقيها وانسانيتها, وهو من متبنيات الاسلام المحمدي الاصيل الذي لطالما نهج السبل الكفيلة بالحفاظ على كرامة الانسان وسعادته في الدارين, وسار على ذلك أولياء الله تعالى فاستقر الامر عندهم بضرورة التوجه إلى شريحة الفقراء ومساعدتهم والعمل على استمالة هذه الشريحة المستحقة؛ باعتبارهم أمانة الله في الارض وهم مادة الاختبار للأغنياء والمؤسسات التي تعمل في الساحة الاسلامية على وجه أخص.

          والمعلوم ان هناك تباينا في العمل من حيث رعاية هذه الشريحة, ولكن المهم في الأمر ان جدولة هذا الفنِّ كان في نظر المعصومين واضحاً؛ لذلك أسسوا واقعا ميدانياً سليما يضمن حقوق الفقراء ويتناسب مع ما يليق بحفظ كرامتهم, فمثلا فتحوا الباب للعمل بمختلف المهن والاشتغال لكسب قوت يومهم, واشتهر ان المعصوم كان يعمل بيده, ونقل عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يغرس النخل ويحفر الآبار ويعمل بالزراعة ليفتح المسار امام الناس وليكون قدوة لغيره, فالناس حينما ينظرون إلى علي عليه السلام وهو يعمل بيده لحرز لقمة عيشه فذلك بابٌ لمن يرغب بالاقتداء به, ومن جانب آخر هي دعوة إلى العمل وعدم التثاقل وانتظار رحمة الناس أو عطائهم, فإن لقمة الانسان إذا كانت من كدِّه وعرق جبينه له طعم مختلف عن غيره.

          وهذا الأمر بطبيعة الحال يفتح أبواب التأمل أمام أعيُننا, ويبرمج لواقع ينفع الفقير قبل غيره, ويسهم في تنوير الرعاية الاجتماعية بما يحقق الغاية, ويساعد على التخلص من الكثير من الآفات والمشاكل التي قد تكون بسبب البطالة والكسل, لذلك فان رعاية الفقراء من قبل مؤسسات الدولة بإعطائهم مبالغ شهرية ينتظرونها كالموظف العامل قد ينفع في جانب, بينما يسيء في جوانب أخرى كثيرة, حيث يتعلم الفقير أن ينتظر الاعانة ولم يفكر في استثمار الوقت من أجل أن يعمل أو يزرع أو غير ذلك.

          أن قتل أوقات الفراغ بمعنى التخلص من مشكلة كبيرة خاصة للشباب, لذلك فان التوجه الصحيح هو عدم إعطائهم الاموال على شكل رعاية شهرية؛ بل العمل على تعليمهم المهن المنتجة والعمل على مساعدتهم والأخذ بأيدهم إلى أن يتمكنوا من اسعاف أنفسهم بامتهان بعض المهن التي قد تسهم في قتل فراغهم وتوفير حاجات معيشتهم وانتاج ما يمكن انتاجه من حاجة مجتمعهم, وبذلك نضمن مجتمعا منتجا بعيداً عن التثاقل والتقاعس, ولن تجد من يشكل عالة على غيره, وكل بحسبه, فمثلا يمكن استحداث دورات تعلم فنون الخياطة للنساء ومساعدتهم لشراء مستلزمات العمل لتكون المرأة منتجة بدلاً من أن يكون عينها على الباب وتنتظر الرعاية آخر الشهر, وهكذا الشباب وغيرهم فكل فئة عمرية يمكن أن تناسبها مهنة أو عمل أو اختصاص, وبذلك ننتقل من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الانتاج, ومن مرحلة الاستغلال إلى مرحلة الاستثمار, وهكذا فان تعليم الفقير اصطياد السمك خيرٌ له من أن تعطيه سمكة؛ لأنه إن تعلم صيدها فسوف يأكل منها متى شاء, وإن انتظرك أن تعطيه فقد لا يجدك حينما يحتاجك. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك