الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||
تتوالى الايام والسنوات وتدور دائرتها على الجميع, فلا قويٌّ يصمد ولا عزيز لا يضعف؛ إلا الله تعالى فهو المقتدر الجبار خالق الاكوان وفالق الحب والنوى, ليجعل برأفته ومنِّه ولطفه قوة الانسان من قوته, وعزته من عزته, ويداوِل الايام بين الشعوب والناس, ثم يعزُّ من يشاء ويذل من يشاء, ولا يتغافل عما يفعل الظالمون الذين قد تتطاول بنيانهم وامتد عرشهم بما وسَّعه الله عليهم كما وسع على فرعون وقارون ليمدهم في طغيانهم يعمهون, وهذا إن دلَّ على شيء فيدل على هوان الدنيا على الله تعالى, ورحمته التي وسعت كل شيء فكان الظالم جولة في دنياه.
إنَّ الهيمنة والغطرسة الامريكية على معظم دول العالم؛ بل على كل شعوب الارض إنما ناجم عن تصورها بانفرادها وقوتها المحيطة بالعالم وشعوبها, لذلك فقد بسطت سلطتها على أكثر منافذ المال وتحكمت باقتصاد العالم ودمَّرت الدول ولم تكترث لحقوق الانسان على الرغم من أنها تنادي بها بعد أن تسلطت على مقدرات ومقررات الامم المتحدة وأكثر المنظمات الدولية التي تدَّعي حقوق الانسان زيفاً وبهتاناً وتعتمد في دعمها على أمريكا أو حلفائها الذين ارتضوا أن يكونوا حطب نار أمريكا فتستنزف خيراتها وثرواتها وتستضعفها في مقابل التمني بحمايتها والحال أنها لا تستطيع حماية نفسها.
لقد آن الأوان لتغير المعادلة؛ وذلك لأن عظمة أمريكا بدأت تنخرُ خاصة بعد أن أدركت أكثر حلفائها أن القادم ليست لأمريكا, فتوجهت شكل التحالفات الجديدة مناهضة للدولار الذي يعتبر قوة أمريكا الزائفة, لأنها فقدت ثأثيرها وقوتها التي كانت عليها, سيما بعد أن توجهت اوربا إلى ابرام عقود مع الصين كما وقَّعت ايطاليا وتبعتها دولٌ اخرى, واليوم بعد أن تصورت أمريكا بأنها نجحت في إلغاء عقد العراق مع الصين تفاجئت بالعقد الايراني مع الصين, وانفتاح الصين على العالم بمعنى كسر الدولار وعجزه؛ لأن الصين تعقد هذه الاتفاقيات لا على أساس قيمتها بالدولار؛ بل على أساس الخدمات مقابل النفط وهذه المعادلة نجحت في رفع القيد الامريكي على النفط الايراني أولاً وجعلت الدولار متأخراً ثانياً, والصفقة الايرانية الصينية وإن لم يكن القصد منها رفع الضغط الامريكي على الاقتصاد الايراني بشكل مباشر إلا إنها عملت على ذلك كتحصيل حاصل, وهذه الاتفاقية لن تكون الاخيرة مع الصين؛ لأن الصين اليوم مختلف عن الصين أمس, وليست هناك خيارات كثيرة أمام قوى الشر لمنع الصين إلا بالمواجهة وإشعال نار الحرب وإن أيقنوا أنّ الخسائر جسيمة وقد لا تقوم لهم قائمة؛ ولكن شرٌّ لابد منه إذا أرادت أمريكا أن تعالج وضعها, وهذه الوسيلة ليست جديدة عليها فقد بادرت بإسقاط الكثير من الدول رعاية لمصلحة الدولار الأمريكي حينما قررت بعض الدول تغير التعامل من الدولار إلى غيره, كما حصل في ليبيا والعراق وسوريا وغيرهم.
إن السقوط الامريكي اليوم بات وشيكاً؛ بل أقرب من أي وقت آخر, وبزوالها سوف تزول فكرة قيادة العالم من دولة واحدة, أو قوة واحدة, وقد تكون هذه آخر امبراطورية انفردت بقيادة العالم أو تظن ذلك, وعلى هذا فان المعادلات سوف تبدأ بالتغير السريع, والامر مهيأ لسقوط الكثير من الاذيال الأمريكية التي كانت تصبح وتمسي عبداً لها, فظنت الشريرة أنها أكبر قوة وتجاوزت كل الخطوط الحمراء, التي كانت سبب سقوطها وفلول نجمها.
https://telegram.me/buratha