المقالات

العملية السياسية في الميزان  

1618 2020-06-25

قاسم الغراوي ||

 

لحل كل معضلة او مشكلة او تقييم فشل علينا ان نشخص سبب الفشل، وبالتالي نتعامل مع الاسباب ونجد الحلول ونبتعد عن تسليط الضوء على الأعراض  .

مشكلة التجربة الديمقراطية في العراق  ليس النظام البرلماني ، انا شخصيآ أراه الأمثل والأحسن،  ولا السبب وجود احزاب ، باعتبار الاحزاب احد اهم مرتكزاتٍ ومقومات الديمقراطية للعملية السياسية.

المشكلة الحقيقية ان غالبية الاحزاب التي نشات في العراق ليست احزاب بالمعنى الحزبي وفشلت فشلاً تاماً في بناء بنية حزبية واعية وسليمة لديها اتجاه أيديولوجي او بوصلة فكرية وتخطيط ورؤية مستقبلية لقيادة العراق والنهوض به من تحت الركام.

بامكانك وانت تتابع مختلف النشاطات الحزبية ستجزم بأنها بعيدة عن اسقاطات الواقع العراقي وهي قريبة للرؤية التنظيرية لهذا الواقع حيث تولد الازمات وتغيب الحلول.

وأعتقد لانجد فرقا بين حزبا واخر عدى العنوان فالشعارات واحده والبرامج متشابهة والنظام الداخلي مستنسخا وتغيب الحلول والاستراتيجيات في بناء دولة عصرية مع نظام ديمقراطي حقيقي بعيدا عن التقسيم الطائفي وتقاسم المغانم والحصص تحت عنوان المشاركة في ادارة السلطة واللحمة الوطنية والاستحقاق المكوناتي وبالنتيجة فاسدون حد النخاع متغولون بفسادهم المتجذر في مؤسسات الدولة.

تعاقبت الاحزاب في استلام السلطة وتشاركت فيها لكننا لانجد فرقآ في توجه سياسة الدولة و اتجاهها في المستقبل حتى لو أستلم هذا او ذاك السلطة ، فماذا سيتغير في سياسة الدولة الاقتصادية، الخارجية، العدل والقانون، مكافحة الفقر، العدالة الاجتماعية، توفير السكن المدعوم، مكافحة البطالة، الاستثمار، الخدمات، المواصلات، الخدمات الصحية،  الحريات العامة، الأعمار و سياسة البيئة، السياسة الامنية وحقوق الانسان..... الخ.

السبب ان اغلب من انخرط في العمل الحزبي ليس لديه فكرة في كيفية إدارة الدولة او طموح او رؤية سوى استلام المنصب والامتيازات والدليل تعاقب اشكاليات تشكيل الحكومات حول توزيع الحقائب والدرجات الخاصة.

وبعد تجربة الديمقراطية اصبحت المحاصصة و الطائفة و القومية و الدين و المذهب هو القاسم المشترك الأدنى ولا حاجة لبوصلة لرسم الطريق نحو مستقبل عراقي ناهض وموحد وقوي ، فالتصويت محسوم لابن عشيرتي او طائفتي و مذهبي.

بعد دخول النواب الى قبة البرلمان تبدأ المفاوضات وبيع وشراء المناصب و ياتي وقت السماسرة السياسيين و تتغير الكتل ومسمياتها وأحجامها حسب المعطيات و المصالح وتنشطر إلى كتل أصغر وأصغر لمجرد ان أتقنت فن اللعبة وخفاياها وتتقدم المصالح الحزبية على المصالح الوطنية لذا نحن دائما في أزمات واهتزازات سياسية.

البرلمان كله يتفق على حكومة ممكن نسميها حكومة ائتلاف جامعه ومنوعة وفي هذه الحالة غير متجانسة لغياب الحزب او الكتلة الفائزة التي تشكل الحكومة بدون ضغوطات او شروط.

البرلمان عمليًا دون معارضة و في نفس الوقت كله معارضة باتجاه الحكومة من خسر المناصب يلوح بالمعارضة ومن تمكن من الحكومة يعد مواليا لها ويدافع عنها.

الديمقراطيات الحديثة و التي نجحت حكمت من قبل سياسيين و احزاب ذو اتجاه سياسي معروف و محدد و لهم رؤية مستقبلية.

أما حكومة التكنوقراط هم من يحكمون في ظل أزمة او مشاكل طارئة ودورهم يقتصر على تصريف امور الدولة الى حين الرجوع الى الوضع الطبيعي، كما حدث مثلا في إيطاليا وتونس لتجاوز الأزمات الاقتصادية وقيادة البلد الى بر الامان وهي فترة زمنية انتقالية لتهدئة الامور الى حين القيام بانتخابات جديدة او مبكرة. 

على الاحزاب السياسية في العراق استغلال الفرصة لإعادة تقييم أدائهم منذ ٢٠٠٣ واعادة كتابة برنامجهم السياسي و تصحيح البوصلة و افكارهم واهدافهم و طموحاتهم لبداية جديدة وصحيحة بالتعافي من اخطاءهم.

  كما نتمنى مستقبلا أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة من استطاع ان يجد ائتلافآ داخل البرلمان عدد نوابه النصف + ١    هذه هي الكتلة الأقوى او الأكبر و ليس ما يحدده رئيس محكمة دستورية وتختلف عليها الاحزاب.

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك