المقالات

حكومة الزعاطيط  


ضياء ابو معارج الدراجي ||

 

في سبعينات القرن المنصرم كنا صغارا نلعب كرة القدم في مناطقنا النائية من أطراف بغداد وكان هناك شارع يفصلنا عن منطقة الحضرية (تلفظ بتسكين كل احرفها) حيث كنا مقسمين اجتماعيا الى قسمين شروكي وحضري ولم نفقه هذه التقسيمات الحديثة كردي عربي سني شيعي ولا غيرها.

كانت كرة القدم كأداة لا يمتلكها غير اولاد الحضرية المتمكنين ماليا ،لكن فنون اللعبة والقوة والسرعة تتوفر فينا نحن الشروكية المعدمين اقتصاديا لذلك كان رئيس الفريق من يملك الكرة اما الاتباع هم محبي اللعب لإظهار مهاراتهم الكروية والترفية عن انفسهم في فترة حتى التلفزيون العادي غير متوفر لديهم .

كنت ضمن فريق اجبر على ان اكون المدافع دائما اما المهاجم فهو مالك الكرة طبعا رغم ان مهاراتي وسرعتي افضل منه بأضعاف واذا اعترضت اطرد خارج الفريق ولن يقبلني اي فريق اخر كون اصحاب الكرات كلهم من الطرف الحضري ومتفقين علينا ونحن الشروكية مجرد جنود بجهودنا نحرز لهم الفوز دائما على منافسيهم.

اضعف منصب كان في فريقنا هو حارس المرمى الصغير في العمر والضئيل في الجسم ودائما ما يكون اخ مالك الكرة رئيس الفريق الذي يخاف من عقاب امه لو رفض ان يدخل اخية الضعيف في ساحة الملعب ، كان يحكم ملعبنا قانون الزعاطيط ومشاكل الكبار تحدد تشكيلة الفريق دون علمهم طبعا فلو تشاجرت امي مع ام احد اعضاء الفريق يبقى افضلنا لعبا ويطرد الاخر ولو تشاجرت امي مع ام رئيس الفريق انبذ من كل اللعبة والالعاب الاخرى في المنطقة واصبح لاجئ في بيوت اخوالي العب مع اولادهم في المناطق المجاورة.

كثيرا من الاحيان في خضم المبارة  اترك مهاجم الخصم يتوغل في ملعبنا ليسجل هدف ضدنا حتى تتاح لي الفرصة لضرب حارس المرمى وشتمه انتقاما من اخية الذي وضعني في موضع المدافع وأضاع علية فرص تسجيل الاهداف التي لا يتقن هو تسجيلها وكذلك لا يحاسبني على ضربي  لاخية لاظهار تعصبي للفريق الذي هو قائده.

حكوماتنا ما بعد ٢٠٠٣ كفريقنا الكروي في السبعينات مع اختلاف التصنيفات وزيادة عددها طبعا ،حيث وضع غير المناسب والضعيف في اخطر مفاصل الدولة و القيادة بكرته وتسلط امه ودلال اخوه وتقليل شأن وقدرات شريكه الذي يفضل الخسارة حتى ينتقم لكرامته المهدورة في غبن استحقاقه وجهوده الضائعة في احراز الفوز لصالح البلد والشعب بعيدا عن الأنانية.

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك