المقالات

بعثي وان لم تنتمي..!  


ضياء ابو معارج الدراجي ||

 

"بعثي وان لم تنتمي" تلك العبارة التي أطلقها هدام على كل الشعب العراقي المغلوب على امره تحت ظلم  امبراطورية الخوف والموت والتعذيب والتي جسدها حرفيا يوم جعل اجتماع بعثه المقبور حصة دراسية في المدارس المتوسطة والإعدادية والمعاهد والكليات واصبح لكل طالب عراقي اضبارة انتماء حزبي تنتقل معه اينما ولى وجهة حتى وهو ضمن صفوف الخدمة الإلزامية في الجيش العراقي تتبعه مع القسيمة الصفراء التي تؤيد الانتماء للبعث وان ضاعت تنظم له اضبارة جديدة وكسب بعثي جديد.

كان النظام الهدامي يخطط لكسب الشباب العراقي منذ الطفولة وحتى الكهولة ليسيطر عليهم حزبيا ويعاقبهم ان خالفوا بعقوبات حزبية بدل القانون الوضعي لتصل الى أحكام الاعدام لاغلاط يعتبر التوبيخ اعلى عقوبة لها ،وباستخدام العنف والقتل والارهاب الفكري اصبح منبوذا في عقولهم وقلوبهم  في ذلك الوقت ولحد الان وكان التمرد عليه هو عدم الحضور والتغيب عن تلك الحصة الغير مرحب بها ضمن المنهاج الاسبوعي الدراسي رغم ان اسماء الغياب كانت ترفع أسبوعيا الى الفرق الحزبية وتسبب عواقب لا تحمد عقباها لمن يدرج اسمه بها.

حتى فكرة التوظف في الدولة كان لابد ان تحصل على مباركة الفرقة الحزبية في منطقتك وخلافها لا وظيفة ولا عمل حكومي رغم حقارة الراتب المدفوع الذي لا يتجاوز الدولار الواحد في الشهر.

كانت تلك ايام بعث صدام لكن عند سقوط البعث وانهزم جرذه الكبير لم تسقط هذه العبارة "انت بعثي وان لم تنتمي" من عقل الاحزاب التي حكمت بعد صدام وما بعد عام ٢٠٠٣ والمعادية له واصبح مقياس القادم من الخارج اعلى بعشرات المراتب من القابع في الداخل حتى وان كان القادم شاذ جنسيا وعقليا وفكريا ونفسيا وحتى وان كان القابع في الداخل عالما مفكرا وطنيا (نبيا ) نعم حتى وان كان نبيا مرسلا وعاش تحت حكم هدام فهو بعثي في نظرهم لا يستحق ان يعمل معهم.

ان عقلية تلك الاحزاب هي منع كل شخص عراقي لم يخطو خارج حدود العراق خطوة واحدة من ان يتسلم موقع قيادي في الدولة الجديدة وكانت نظريتهم السوداء هي ان الثقة غير الكفوء والسارق القادم من الخارج خيرا من الكفاءة الامين غير الموثوق به القابع في الداخل والثقة هنا تعبر عن المنتمي لهم وخلافه غير ثقة  ،خلال السنوات الماضية كانت ثقة الاحزاب غير الأكفاء والسراق من يدير البلد وابعدوا غير الثقة الكفوء الوطني الامين اما قتلا او ارهابا او عزلا بعيدا عن مراكز القيادة لنصل الى عراق فاقد كل مقومات البلد ضائع في خضم الفساد المالي والإداري والارهاب المسلح والنفسي و توارث المناصب العائلية جيلا بعد جيل.

لقد اصبح مقياس الحصول على منصب مرموق في العراق ما بعد ٢٠٠٣ هو عدد سنوات سياحتك خارج العراق في دول الغرب الاوربية والأمريكية او دول الشرق الايرانية والأسترالية وقمة البعثية انك لا تملك جواز سفر في حكم البعث وهم يعلمون او لا يعلمون ان استخراج جواز سفر في زمن هدام يحتاج الى موافقات لا حصر لها من جهات امنية مع دفع مبلغ ٤٠٠ الف دينار عراقي والذي كانت يعتبر ثروة كبيرة في حينها  والبلد الوحيد التي تستطيع الوصول له هو الاردن لتعمل في غسل الصحون او البناء او الحمالة مع مضايقة "الزعران" لك في الساحة الهاشمية واحمتالية طردك في اي لحظة الى العراق لو دافعت عن نفسك او حاولت ان تنصفها وتخسر كل شيء جوازك ومالك وربما حريتك وحياتك.

وخلال السبعة عشر عام الماضية مع ظهور أجيال جديدة من الشباب سنويا لم تعرف البعث ولم تعيش أيامه بقيت أحزاب ما بعد ٢٠٠٣ مستمرة في نظريتها ولم تعطي للشباب دور او ان تكسبه لها وامعنت في توريث الانتماء لاولاد واحفاد منتسبيها فقط وتركت أجيالا تتخبط بين الفقر والحرمان والافكار الغربية التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعية والانترنيت بكل مفاصلها دون مراقبة ابوية او حكومية لترتمي تلك الاجيال في احضان الالحاد والمثلية والتمرد على كل شيء ديني واخلاقي وعرفي وعشائري وتثور عليهم كلما سنحت لها فرصة لذلك بعد ان مُسح طابع الخوف من على قلوبهم وتفتحت عقولهم على مخارج لا تستطيع تلك الاحزاب السيطرة عليها دون استخدام العنف والعودة الى أساليب البعث الهدامي المنبوذ الذي ثرنا عليها في حينها واستخدمها الاحزاب ما بعد ٢٠٠٣ ذريعة لاسقاط البعث المقبور.

 

 

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك