المقالات

حديث الانقلاب في زمن الحشد ماذا ستكون النتائج؟

2278 2020-03-26

د.علي الطويل

 

كثر الحديث خلال اليومين الماضيين عن خطط امريكية للقيام بانقلاب عسكري في العراق، وقد حملت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الجتماعي العديد من السيناريوهات المحتملة عن هذا الموضوع ، وراح بعضها يعطي الخبر قوة ومصداقية اكثر من خلال التحركات العسكرية والطائرات الامريكية في العراق ، وفي المقابل فان تصريحات لمسؤولين امريكيين امس تؤكد ان البنتاكون قد اصدر اوامره بوقف التحركات العسكرية للقوات الامريكية خارج البلاد لمدة 60يوما ، ومهما يكن من امر في مسالة الانقلاب المزعوم فان الامر ليس مستبعدا في ظل التخبط الذي يعيشه صانع القرار الامريكي بسبب فشل خططه في العراق واحدة تلو الاخرى ، كما ان حماقة الرئيس ترمب وانسداد افقه السياسي تجعله يتخذ قرارات غير مدروسة وغير ناضجة تؤدي بالنتيجة الى فوضى وقد يكون اول من تطأه نارها هي الولايات المتحدة وقواعدها وجنودها المنتشرين على ارض واسعة من العراق .

وللحديث عن الانقلاب العسكري في العراق لابد من ايراد بعض الحقائق التي لابد من النظر اليها قبل اي حديث عن تحرك عسكري في العراق .

1.ان العراق اليوم ليس العراق قبل عام ٢٠٠٣ فقد تغيرت اشياء كثير ة في العراق منذ ذلك التاريخ والى الان فما كان مقبولا لم يعد كذلك الان .

2.وجود مرجعية مطاعة ولها تاثير واضح على طبقة واسعة هي الاكبر في المجتمع العراقي سيجعل من يفكر بالانقلاب يفكر عشرات المرات قبل الاقدام على هكذا امر .

3. وجود الحشد الشعبي كقوة مدربة ومسلحة باسلحة حديثة  وذات خبرات كبيرة في القتال والمجالات الاخرى والتي اكسبتها خلال ال٥ سنوات الماضية من المواجهة العسكري والجهد المدني الامر الذي جعله في صدارة قوى الامن العراقية المتميزة والتي تمتلك ثوابت عقيدية لاتحيد عنها ، وهذا الامر من اهم الحقائق التي تقع تحت نظر المخططين ولها حساباتها الخاصة في تفكيرهم .

4.وجود عملاء الداخل والسائريين في الفلك الامريكي من السياسيين والقادة الامنيين والعسكريين واعلاميين وجماعات مدنية كثيرة ،  مع قوة اعلامية كبيرة وضاغطة ولها تاثير في الراي العام والتعويل عليها في تبييض صورة الانقلاب ودعمه فهي احدى الحقائق التي لابد من النظر اليها على انها من نقاط القوة للعدو عن تفكيره بانقلاب عسكري في العراق .

  5.انشغال العالم بالتصدي لفايروس كورونا وعدم التفاته او اهتمامه بالشوؤن الاخرى هي ايضا حقيقة مهمة يهتم بها صانع القرار السياسي .

ولو اردنا ان نقول ان الانقلاب هو حقيقة واقعة وامر مسلم به فان النظر لهذه الحقائق سنتوصل الى عدة معطيات مهمة ترسم لنا نتيجة الانقلاب المزعوم وامكانية نجاحه او فشله .

فتجربة عام ٢٠١٤ المشروع الامريكي الكبير في تغيير المعادلة في العراق بالقوة وفرض امر واقع جديد على الارض باستخدام عصابات مجرمة مسلحة بالفوضى والرعب ومدعومة بحملة اعلامية ضخمة ، وما تبعها من احتلال مدن خلال ساعات في مقابل جيش مهزوم ودولة منهارة اقتصاديا بسبب تدني اسعار النفط الى مستويات غير مسبوقة وخزينة خاوية بسبب نقص الموارد وسلاح وقع معظمه بيد العصابات الارهابية الامر الذي زادها قوة وتسليحا  ، فلانعتقد سيكون هناك سيناريو اقسى واصعب من هذا السيناريو الذي مر به العراق ، والنظر للحقائق اعلاه يعطينا نتيجة حتمية هي  ان وجود المرجعية المطاعة والحشد العقائدي المسلح بالقوة والخبرة هما صماما الامان في الوقت الحاضر ، وكل مخطط لايستوعب هاتين الحقيقتين يعد مخطط فاشل مسبقا ، فالحشد والمرجعية متلازمتان لاتفترقان ولايمكن وضع مالهما من تاثير قوي في الساحة العراقية جانبا، اما الحديث عن الانقلاب اعتمادا على  وجود ولاءات امريكية داخل المؤسسة العسكرية والامنية ، فانه حديث ناقص كون المؤسسة العسكرية فيها ولاءات متعددة ولايمكن الحديث في جانب واحد وترك الجانب الاخر وهو الطبقة الاوسع في المؤسسة الامنية والعسكرية  المتمسكة  بالوطن والساهرة على مصالحه وقد اتضح ذلك جليا في معارك التحرير عند مواجهة داعش ، اما في جانب الولاءات السياسية لبعض الاحزاب والمسؤولين السياسيين التي تعتمد عليهم امريكا في تنفيذ مخططاتها فان ذلك لايشكل عنصرا مهما في اي حركة من شانها تغيير الاوضاع في العراق بما يخدم مصالح امريكا اولا، كون  اكثر هذه الحركات  والشخصيات السياسية ليس لها عمق جماهيري يؤهلها للقيام بمهمات كبرى من هذا النوع .

واخيرا وليس اخرا فان امر الانقلاب في التفكير العنجهي الامريكي امر غير مستبعد ومن الممن ان يحدث ، ولكن نتائجه حتما ستكون في غير مايرغب من يقومون به او من خططوا له ، وسيرتفع بعد ذلك   عدد  ارقام المخططات الامريكية الفاشلة في العراق منذ ٢٠٠٣ والى الان باضافة رقم فاشل جديد ،  كون المرجعية الدينية التي تحملت الكثير من الصعاب في السهر على مصالح الشعب سوف لن تسكت ، وان الحشد مسنودا بكل القوى الخيره بالعراق قد اخذ على عاتقه حماية مصالح الوطن واعطى تضحيات كبرى من اجلها ولا يمكن التفرط بهذه المكتسبات بسهولة ، بل سيقاتل عنها الى النفس الاخير ودون المساس  بحرية العراق واستقلاله وامنه واستقراره ، وحماية مكتسباته ومستقبل ابنائه

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك