المقالات

مهلة وطن

1687 2020-01-23

حمزة مصطفى

 

عبارة من مفردتين (مهلة, وطن) لكنها تختصر التاريخ والجغرافية معا. الجغرافية بوصفها المكان الذي ينشأ في ربوعه الوطن الذي هو شعب وأرض وسيادة وحكومة, والتاريخ هو مجموع إنجازات ومنجزات وآثار وتراث ومعالم وعوالم وشواخص هذا الوطن. بين التاريخ الموغل بالقدم في "وطن" مثل العراق وبين الـ "المهلة" التي يراد منحها لإعادة بناء هذا الوطن نقف الآن على مفترق طرق.

لماذا نقف على مفترق طرق؟ الجواب لأن الناس خرجت تتظاهر بعد أن وجدت أن الأداء السياسي للطبقة السياسية التي حكمت البلاد والعباد بعد عام 2003 لم يكن منصفا. هل هذه الإجابة كافية أو شافية للغليل؟ لا بالتأكيد. إذن لابد من البحث عن الأسباب الموضوعية لهذا الإنفجار الجماهيري الذي ترتبت  عليه حتى الآن تضحيات جسيمة لاتنسجم مع عنوان  الحراك وهو "التظاهر السلمي".

المشكلة تتعلق في كيفية بناء الدولة العراقية الحديثة بعد عام  1921 وفي إطار مفهوم المواطنة الذي يجعل الجميع يعيشون في وطن واحد له تاريخ معروف وجغرافية موصوفة. بدء من الملك فيصل الأول رحمه الله مرورا بكبار الكتاب والمؤرخين وعلماء الإجتماع ممن كتبوا عن  تاريخ العراق الحديث في عهوده الملكية والجمهورية من أمثال علي الوردي وحنا بطاطو وحسن العلوي وكمال مظهر أحمد وسواهم لم يتمكنوا من الإتفاق على مفهوم جامع  مانع للمواطنة العراقية.

لذلك جاءت كتاباتهم سواء في إطارها التشخيصي أم الوصفي أم التحليلي قائمة على أساس  محاولة جمع  المتناقضات بين ماهو سياسي وأجتماعي فضلا عن الخلافات والتناحرات والمشاكل والإشكاليات التي رافقت بناء تجربة الدولة العراقية طوال ثمانية عقود من الزمن. بعد عام 2003 حين إحتلت الولايات المتحدة الأميركية العراق لم تكتف بإسقاط  النظام السابق للإتفاق مع قوى المعارضة العراقية التي يفترض إنها البديل الديمقراطي عن نظام حكم شمولي, بل أسقطت الدولة العراقية.

البديل الديمقراطي لم يكن بمستوى تحدي بناء دولة جديدة من الصفر. الطبقة السياسية التي حكمت البلاد بدء من وصفة مجلس الحكم الفاشلة بإمتياز مرورا بالتجارب الديمقراطية التي تلت وقوامها الإنتخابات وتشكيل الحكومات وتداول السلطة إهتمت بالشكليات  الديمقراطية وتركت الجوهرالذي لم يكن ديمقراطيا وعلى كل الصعد. حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي الذي له أفرد له الدستور العديد من المواد الجيدة هو أبرز ما تفتخر به الطبقة السياسية وهذا صحيح. لكن حين خرجت التظاهرات الجماهيرية بدء من الأول من تشرين الأول الماضي وحتى اليوم لم تخرج لأنها تحب التظاهر المكفول دستوريا. بل خرجت بحثا عن وطن بدا لها مفقودا بدء من الخدمات الى البنى التحتية الى المشاركة السياسية الى السيادة  الى الإستقلال والإبتعاد عن  النفوذ الإقليمي والدولي.

الديمقراطية بحد ذاتها ليست إنجازا بل هي وصفة في الحكم قد تكون ناجحة أوفاشلة. الإنجاز الحقيقي هو كيفية تجسيد مفهوم المواطنة الذي يضمن حق الجميع في وطن واحد بصرف النظر  عن  أية خلفيات عرقية أو دينية أو مذهبية أو أيدولوجية أو سياسية. الباحثون عن وطن خرجوا من أجل ذلك, والمهلة التي منحوها للطبقة السياسية تندرج في سياق ماقدموه  من تضحيات تكفي لبناء أوطان لا وطن واحد.

ـــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك