المقالات

حين "يتآمر" الدستور

1566 2020-01-16

حمزة مصطفى

 

 

تكاد تكون قصة الفيدرالية أو الأقاليم واحدة من أكثر قصصنا السياسية لفتا للنظر بعد عام 2003. العراق الذي كان يتألف من ثلاث ولايات في العهد العثماني "بغداد, الموصل, البصرة" أصبح دولة مركزية منذ تأسيس دولته الحديثه عام 1921. قبل العام 1921 لا أحد يعرف طبيعة العلاقة بين الإمبراطورية العثمانية والولايات التابعة لها هل هي نظام دولة إسمها العراق أم مجرد ولايات ممتدة على جغرافيا إسمها العراق تنتظر قيام نظام حكم وهو ما فعله الإنكليز عندما أسسوا المملكة العراقية بعد ثورة العشرين التي قامت ضد الإنكليز أنفسهم.

لا نريد التفصيل في هذه القضية التي صال المؤرخون فيها وجالوا ممن تناولوا تاريخ العراق الحديث بقدر مانريد الوصول الى مسألة مهمة وهي شكل الدولة ونظام الحكم في العراق الذي بدأ مركزيا وإستمر كذلك  بمختلف عهوده الملكية والجمهورية حتى عام  2003 حيث هيمنت الرؤية الأميركية على طبيعة نظام الحكم بخلاف ماحصل عام 1921 حيث الرؤية البريطانية. المفكر حسن العلوي يطلق على عراق ماقبل 2003 العراق البريطاني وعلى عراق مابعد 2003 العراق الأميركي. الفارق بين العراقين  أن الإنكليز على كل ماكتبه الكتاب والمفكرون والمؤرخون بشأن تعاطيهم مع الدولة ونظام الحكم والعشائر والعسكر وقوى المجتمع السياسية منها والمدنية فإنهم بنوا دولة مركزية بصرف النظر عن البعد الإجتماعي لها وفيها.

الأميركان أمرهم  بدا مختلفا تماما عن رؤية الإنكليز مع أنهما حليفان سواء بـ "التحرير" طبقا لما أطلق عليه بدء من يوم 9 نيسان 2003 الى مايس من نفس العام أو "الإحتلال" بدء من شهر مايس حتى اليوم حيث الجدل لايزال مستمرا بين مفهوم إسقاط  النظام السابق وبين كون ماحصل إحتلال يتطلب مقاومته.

نعود الى قضية الفيدرالية أو الأقاليم التي لاتكاد تخرج عن هذا الجدل الملتبس بسبب عدم الإتفاق على شكل الدولة وطبيعة نظام  الحكم  طبقا لمفهوم المواطنة الشاملة أم المواطنة التجزيئية إن صح التعبير التي تمنح الهويات الفرعية "الدين, العرق, المذهب, العشيرة" العلوية على مفهوم المواطنة الذي يتطلب الإيمان بوطن واحد إسمه العراق. هنا إختلف القوم ومازالوا. فالدستور العراقي في مادته الأولى يقول "جمهورية العراق دولة إتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي..". وفي المادة 116 منه في باب الأقاليم يقول "يتكون النظام الإتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية". هنا قطع الدستور قول كل خطيب فيما يتعلق بتحديد شكل الدولة في المادة الأولى "دولة إتحادية) ونظام الحكم في المادة 116 يتكون من "عاصمة وأقاليم" يعني فيدرالية.

الآن يحتدم الجدل حول الفيدرالية لكن ليس بوصفها حق دستوري لكن ليس في وقته طبقا لنموذج البصرة أو صلاح الدين خلال السنوات الماضية, بل بوصفه "مؤامرة" تهدف الى تقسيم العراق. الأطراف التي إتهمت بأنها هي من تقود مايراه البعض مؤامرة نفت ذلك وأعلنت تمسكها بوحدة العراق. لكن قبل التهمة أو نفي التهمة السؤال الذين يجب أن يجيب عليه الجميع هو .. اليس الدستور هو المتآمر أولا؟ إذا كانت الإجابة نعم فلماذا تتمسكون بدستور متآمر؟ وإذا كانت لا فإن كل مايجري الخوف أو التخويف منه لا أصل له ولا فصل.

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك