المقالات

الحشود المليونية في زيارة الأربعين مداليل الوفاء والتحدي

1479 15:14:00 2008-02-19

( بقلم : حسن الهاشمي )

إن من يتأمل قضية الإمام الحسين ( ع ) يقف متعجباً مندهشاً حائرا!! كيف تم هذا الخلود لثورة الإمام الحسين ( ع ) وبكل جزم وتأكيد ليس هناك حدث تأريخي أو ثورة أو حركة اجتماعية توفر لها خلود وبقاء ودوام وتأثير كما هو الأمر بالنسبة لهذه ِ الثورة، ولعل السر في ذلك أمور كثيرة من بينها:

أولا:عهد الله بحفظ جهود العاملين في سبيله: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران : 195]. وهنالك آيات تصل إلى العشر تتضمن هذا التعهد الرباني: وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف : 170]. وهل يوجد إصلاحي أعظم من الإمام الحسين عليه السلام في التاريخ القديم والحديث؟

ثانياً: عظمة شخصية الإمام الحسين ( ع ): ومن أسباب خلود هذه ِ الثورة شخصية الإمام الحسين ( ع ) فهو شخص عظيم وقليل في حقه أن نقول عنه عظيم ويكفي أن أفضل من خلق الله تعالى وهو نبينا محمد ( ص )والذي لا يدانيه في الفضل إنسان، كان يقول: إن الحسين جزء منه : حسين مني وأنا من حسين، إذاً الحسين ( ع ) جزء من أعظم مخلوق فمن الطبيعي أن تكون له هذه ِ العظمة وهذا الخلود، ولكن هذا الخلود أيضاً قليل في حقه، بل أردف الرسول الأعظم قوله: أحب الله من أحب حسينا وأبغض الله من أبغض حسينا.

ثالثاً: فظاعة المأساة الحسينية: فطبيعة المأساة التي عاناها الإمام الحسين ( ع ) ومن كان معه والتي حصلت لعائلته بعد قتله كان سبباً مهماً لخلود هذه القضية العظيمة، فبعد انتهاء المعركة أمر عمر بن سعد الجيش أن يحزوا كل الرؤوس عن جثث القتلى، وأمر كل قبيلة أن تأخذ حصتها من الرؤوس التي شاركت بقتلها، حتى إذا دخلوا على ابن زياد ويزيد عرف صنيع كل قبيلة، وبالفعل أخذت تلك القبائل تحمل على أسنتها تلك الرؤوس الشريفة، ويروى أن قبيلة من القبائل لم تحصل على رأس فاحتجوا على ابن سعد، كيف نثبت مشاركتنا إذاً في الحرب فبحثوا حتى إذا لم يصلوا إلى نتيجة تذكر احدهم قال: ألا تذكرون أن طفلاً رضيعاً للحسين قد ذبحناه على صدره فقال احدهم: أنا رأيت الحسين وهو يحفر خلف الخيمة بقائم سيفه فحفروا خلف الخيام حتى عثروا على جثة عبد الله الرضيع واحتزوا رأسه، هل تجد مثل هذه ِالأحداث المروعة في قضية أخرى غير واقعة كربلاء. إنها قضية تحرك الوجدان والضمير الإنساني في كل زمان ومكان.

فالأمور التي خلدت واقعة الطف كثيرة ومتعددة فبالإضافة إلى ما ذكر فإن الشخوص الأفذاذ الذين اشتركوا في واقعة الطف سواء كانوا من أهل بيت الإمام الحسين عليه السلام أم من أنصاره الأوفياء، فإن تلك الفتية التي آمنت بربها فزادهم الله هدى ليس لهم مثيل لا في زمن الرسول (ص) ولا في زمن الإمام علي (ع) ولا في زمن بقية الأئمة الميامين ولا في زمن الغيبة حتى يظهر الله القائم ليأخذ بثارات الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام، وكذلك المبادئ التي كانوا يحملونها فهي مبادئ سامية ومناقبيات راقية وأخلاقيات منقطعة النظير قلما تجد لها محاكيا في الثورات الإصلاحية...

وكل أمة تتطلع إلى العزة والكرامة والمنعة فهي تنجذب تلقائيا نحو ثورة الحسين، فهي النموذج الحي والناصع لكل ثورة إصلاحية مادامت الحياة قائمة، وأن فيها من عوامل ومقومات الخلود والنجاة من ربقة الاستعمار والظلم ما لا يوجد في غيرها من الثورات، وأن في شخص الحسين عليه السلام من البركات والمحبة في قلوب المؤمنين ما لم تجد تلك المحبة حتى في الأم تجاه ولدها والزوج تجاه زوجته والعاشق تجاه معشوقته، فهذه الأمور ربما تكون فاعلة في الظروف الطبيعية أما إذا ما تزاحمت مع الثورة الحسينية وشخصية الإمام الحسين نجدها هباء منثورا كما حصل في واقعة الطف من مواقف أم وهب والقاسم عليه السلام.

وكما يحصل حاليا وبعد مرور حوالي 1400 عام على ثورته الخالدة نلمح الحشود المليونية الزاحفة نحو قبره المبارك للتزود من نميره الفياض، نجد تلك الحشود من مختلف الأعمار والبلدان والأجناس كلها تروم زيارة قبره وتنادي بصوت واحد (يا حسين) لا تعبأ بحرارة الجو أو برودته ولا تمل من الانسياب السنوي المتكرر لتجديد العهد والولاء والوفاء لإمامها، وتتحدى في بعض الظروف المصاعب والآلام وربما القتل والتعذيب، وعلى الرغم من كل ذلك فالأمواج البشرية المتدفقة تزداد سنة بعد أخرى، لا يزيدها طوارق الزمان إلا تمسكا وإصرارا على السير في نهجه الخالد، هذه العلاقة هي علاقة فريدة من نوعها إن دلت على شيء فإنما تدل على خلود الأشخاص الذين بذلوا مهجهم لاستنقاذ الناس من الجهالة وحيرة الضلالة كما جاء في زيارة الأربعين وجسدها الإمام الحسين عليه السلام خير تجسيد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رائد
2008-02-19
مشكور اخ حسن على هذا الموضوع الرائع الذي يجسد البطولات والوفاء ان الامام الحسين(ع) هو رمز الصلاح والرحمه فهو وصل ارض المعركه قبل الكفره من اتباع يزيد ولكنه لم يمنع الماء عنهم لانه ابن خير البشر00 و المعركه فيها دليل على المحبه و التعاون بين اصحاب الحسين...........ومشكور مره ثانيه
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك