المقالات

لماذا تختلف جريمة الوثبة عن الجرائم الأخرى؟


أحمد عبد السادة

 

بعد الجريمة المروعة التي حصلت في ساحة الوثبة استغرب بعض المدونين من حملة الاستنكار والاستهجان الكبيرة التي أعقبتها وتساءلوا ببلادة وانعدام ضمير: ما هو فرق هذه الجريمة عن غيرها من جرائم اغتيال المتظاهرين لكي يتم الاهتمام بها بهذا الشكل؟!

وجواباً على هذا التساؤل أقول: إن جرائم اغتيال المتظاهرين - وهي جرائم مستنكرة ومدانة - تختلف جذرياً عن جريمة الوثبة، وذلك لأن تلك الجرائم تمت في السر وتحت جنح الظلام، ومرتكبها مجهول وغير معلن، مما يعني أن مرتكبي هذه الجرائم يعرفون جيداً بأن جرائمهم مخالفة للثوابت والشروط القانونية والإنسانية العامة ومتعارضة مع الضمير الجمعي، ولهذا هم يرتكبونها في السر وبعيداً عن أعين الناس، لكي لا يلاحقهم القانون ولكي لا يدينهم الضمير الاجتماعي العام.

أما الجريمة التي حصلت في الوثبة فهي جريمة علنية وجماعية منفذوها معروفون، جريمة تمت في وضح النهار وأمام الأعين والكاميرات من دون اعتراض أو احتجاج أو استنكار أي أحد من الموجودين بل تمت وسط أجواء احتفالية جماهيرية مصحوبة بالرضا والضحك والتشفي والتقاط "السيلڤيات" خلف جثة الشهيد المغدور الذي لا يتجاوز عمره الـ15 عاماً!!

ماذا يعني هذا الأمر؟

يعني أن تلك الجريمة ليست جريمة "عادية" وإنما هي فضيحة اجتماعية مدوية وصادمة أبطالها العشرات من القتلة المتوحشين الذين نفذوا الجريمة، والمئات من المؤيدين للجريمة، والآلاف من المتفرجين السلبيين والمصادقين على بشاعة الجريمة من خلال هدوئهم وصمتهم وقيامهم بالتقاط الصور وتسجيل الفيديوهات وكأنهم في سفرة سياحية!!

إن بشاعة هذه الجريمة تكمن أساساً في الطابع العلني لها وفي المصادقة الاجتماعية عليها، وفي انسياق المئات والآلاف خلف الروح القطيعية الهائجة التي تصيب الفرد بالتبلد والتحجر والعماء أمام المشاهد الفظيعة للقتل والسحل والطعن والذبح والتمثيل بالجثث وتعليقها في الشوارع العامة أمام المارة!!

ولا شك أن تلك الجريمة/الفضيحة الاجتماعية تضاعفت من خلال قيام بعض مدوني التظاهرات - وبينهم أدباء ومثقفون!! - بمحاولة تبرير تلك الجريمة وتقليل وحشيتها وتهوين بشاعتها وتخفيف دمويتها والترويج لمعلومات وتفاصيل مفبركة وكاذبة بعضها أساء لشهيد الوثبة وعائلته ظناً منهم أن تلك التبريرات والأكاذيب ستخدم التظاهرات وستبرئ القتلة المحسوبين على المتظاهرين!!، في حين أنه كان من المفترض أن تكون هذه الجريمة المروعة دافعاً لهم لإدانة القتلة ومراجعة مشهد التظاهرات المتشظي والمنفلت والتركيز على السلمية وحصر التظاهر بأماكن محددة بعيدة عن المحال التجارية والمناطق السكنية، فضلاً عن تنظيف ساحات التظاهر من المندسين والمخربين والمنفلتين وأصحاب المولوتوف والسكاكين الذين يرتدون كذباً ثياب المتظاهرين السلميين!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك