المقالات

الروبوت..ينقذ الغرب من الموت..

2146 2019-09-05

ا.د.ضياء واجد المهندس

 

بالرغم من سعي البعض على تصنيف كتاب ( موت الغرب ) أخطر كتاب للمؤلف الأمريكي باتريك جيه بوكانن ، الا ان التقدم التقني قلص من خطورة ما اظهره  باتريك في صفحاته.

ولمن. ﻻيعرف باتريك  هو: (( سياسي ومفكر أمريكي معروف عمل في منصب مستشار لثلاثة رؤساء أمريكيين، و كاتب لعمود صحافي دائم في عدد من الصحف الأمريكية ومؤسس لثلاثة من أشهر برامج التلفزيون في أكبر قناتين أمريكيتين ( NBC) و (CNN)

ألف العديد من الكتب منها : يوم الحساب ,حالة طارئة ,عندما يصير الصواب خطيئة ، الخيانة العظمى

والكتابان المشهوران جدا : محق منذ البداية ،جمهورية لا إمبراطورية اللذان كانا من أكثر الكتب مبيعاً في الولايات المتحدة.))..

كتابه  (موت الغرب)  يبشر بموت وانتهاء الغرب، و فيه ينبه إلى أن الموت الذي يلوح في أفق الغرب هو في الواقع موتان :

- موت أخلاقي بسبب السقوط الأخلاقي الذي ألغى كل القيم التربوية والأسرية والأخلاقية التقليدية.

- وموت ديموغرافي و بايولوجي (النقص السكاني بالموت الطبيعي )،

ويظهر بوضوح في العائلة وفي السجلات الحكومية ،التي تشير إلى اضمحلال القوى البشرية في الغرب، وإصابة ما تبقى منها بشيخوخة لا شفاء منها إلا باستقدام المزيد من المهاجرين الشبان أو بالقيام بثورة حضارية مضادة تعيد القيم الدينية والأخلاقية إلى مكانتها التي كانت من قبل ..ويدعي باتريك ان الموت المقبل مريع و مخيف !! ،لأنه وباء ومرض من صنع أيدينا ومن صناعة أفكارنا ،

وليس بسبب خارجي مما يجعل هذا الموت أسوأ بكثير من الوباء الأسود، الذي قتل ثلث سكان أوروبا في القرن الرابع عشر ..فان الوباء الجديد لا يقتل إلا الشباب مما يحول الغرب عموما وأوروبا بشكل خاص إلى (قارة للعجائز) !!..

القصة ليست مجرد تخمينات أو توقعات أو احتمالات إنما هي حقيقة واقعة تصدمك لشدة وضوحها ... خاصة عندما تبدأ الأرقام بالحديث!!

وفقا" للإحصاءات الحديثة :هبط (معدل الخصوبة) عند المرأة الأوروبية إلى (1 طفل) لكل امراه علما أن الحاجة تدعو إلى معدل (2 طفل) كحد ادني لتعويض وفيات السكان الموجودين الآن دون الحديث عن زيادة عددهم ، و كان تدني النمو السكاني ناتج لسياسات الحفاظ على معدلات زيادة السكان و تحليل النسب بالاضافة الى خسائر اوربا في حربين عالميتين ضروس..

وإذا بقيت معدلات الخصوبة الحالية على ما هو عليه فإن سكان أوروبا البالغ عددهم 728 مليون نسمة بحسب إحصاء عام 2000م سيتقلصون إلى 207 ملايين في نهاية هذا القرن  اقل من الثلث،وهذا هو السبب الرئيسي لاستقبال اللاجئين الافارقة و العرب بالاضافة الى المهجرين قسرا ، واحيانا تمنح اقامات دائمية عاجلة للمهاجرين الخبراء و الفنين من حقل التمريض و الصيانة و الخدمة بالاضافة الى الموهوبين في مجال الفن و الرياضة و الاتصالات ..

وفي المقابل ففي الوقت الذي تموت فيه أوروبا لنقص المواليد يشهد العالم الثالت الهند والصين ودول أمريكا اللاتينية ( وخاصة المسلمين ) انفجارا سكانيا لم يسبق له مثيل بمعدل 80 مليونا كل عام ومع حلول عام 2050م سيبلغ مجمل نموهم السكاني 4 مليارات إضافية (4 مليارات اضافيه من البشر) وهكذا يصبح كابوس الغرب حقيقة وتصبح أوروبا بكل بساطة ملكا لهوﻻء بعد وقت ليس بالبعيد !، وفي ذات الوقت تشاطر اسرائيل الغرب في تخوفها من الانفجار السكاني الفلسطيني في الضفة و غزة والقدس الشرقية مما يشكل عائق بشري و امني لتمددها و امنها الاستراتيجي ..

يؤكد  باتريك :( إن الأرقام تصبح مخيفة أكثر عند تناولها لتشخيص مرض النقص السكاني على مستوى الدول والأمم بعد 50 عاما من الآن )

ففي ألمانيا سيهبط التعداد السكاني من 82 مليونا إلى 59 مليون نسمة ((وسيشكل عدد المسنين ممن تجاوزوا الـ65 عاما أكثر من ثلث السكان) ،( هذا البيانات اعتمدها باتريك دون الاخذ بنظر الاعتبار ارتفاع معدلات استقبال المهاجرين الذي سدوا فجوة النقص السكاني ).

أما إيطاليا فستشهد تقلص عدد سكانها البالغ 57 مليونا إلى 41 مليونا (وستصبح نسبة المسنين 40 % من التعداد العام للسكان) وفي إسبانيا ستكون نسبة الهبوط 25 %

وستشهد روسيا تناقص قواها البشرية من 147 مليونا إلى 114 مليون نسمة ولا تتخلف اليابان كثيرا في اللحاق بمسيرة الموت السكاني فقد هبط معدل المواليد في اليابان إلى النصف مقارنة بعام 1950 وينتظر اليابانيون تناقص أعدادهم من 127 مليون نسمة إلى 104 ملايين عام 2050م ..

أرقام مخيفة !! (بالرغم من ان هذه البلدان بدات بايجاد حلول للتوازن السكاني ).

لكن السؤال المحير !! لماذا توقفت أمم أوروبا وشعوبها عن إنجاب الأطفال وبدأت تتقبل فكرة اختفائها عن هذه الأرض بمثل هذه اللامبالاة !

  إن الجواب ( حسب. وجهة نظر ) يكمن في النتائج المميتة لهذه الثقافة الجديده في الغرب ! ،والموت الأخلاقي الذي جرته هذه الثقافة على الغربيين هذا هو الذي صنع موتهم البيولوجي،

فانهيار( القيمة) الأساسية الأولى في المجتمع (وهي الأسرة ) وانحسار الأعراف الأخلاقية الدينية التي كانت فيما مضى تشكل سدا في وجه( منع الحمل والإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار المؤسسة الزوجية، إضافة إلى تبرير لا بل تشجيع العلاقات الشاذة المنحرفه بين أبناء الجنس الواحد ..كل هذا دمر بشكل تدريجي الخلية المركزية للمجتمع وأساس استمراره ( الأسرة).

وتبدو لغة الأرقام هنا أكثر هولا !فقد ارتفع الرقم السنوي لعمليات الإجهاض في الولايات المتحدة من ستة آلاف حالة سنويا عام 1966 إلى 600 ألف عام 1976 بعد ان سمح بالإجهاض واعتبرت عملية قتل الأجنة حقا للمرأة يحميه الدستور وبعد عشر سنوات وصل الرقم إلى (مليون ونصف حالة إجهاض ) في العام الواحد.

أما نسبة الأطفال غير الشرعيين فهي تبلغ اليوم 25 % من العدد الإجمالي للأطفال الأمريكيين ويعيش ثلث أطفال أمريكا في منازل دون أحد الأبوين (اما بدون الاب وهو الغالب وأما بدون الام) .

ومؤشر آخر خطير !فقد بلغ عدد حالات الانتحار بين المراهقين الأمريكيين ثلاثة أضعاف ما كانت عليه عام 1960  ،أما عدد مدمني المخدرات (المدمنين وليس المتعاطين ) بلغ اكثر من ستة ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها.!

وقد تناقص كثيرا أعداد الشبان والشابات الراغبين في الزواج طبعا في مجتمع يسمح (بالحرية الجنسية الكاملة) ، ويتيح المساكنة بين الرجل والمرأة دون أي رابط شرعي أو قانوني في بيت واحد.. وخوف الرجل من قانون الأحوال الشخصية الظالم الذي تأخذ الزوجة بموجبه نصف ثروته في حالة الطلاق و اضطرار المرأة للقبول بالمساكنة بدون زواج بسبب حاجتها إلى رجل يقف معها ويحميها ناهيك عن الحاجة البايولوجية.

أما قضية الشذوذ الجنسي وقانون الزواج  المثلي بين أبناء (الجنس الواحد) فحدث ولا حرج ،  فقد بلغت حدا لم يكن ممكنا مجرد تخيله في السابق !

وكانت هيلاري كلنتون المتعجرفة أول سيدة اولى في البيت الأبيض مثلية مع صديقتها اللبنانية الاصل ، و قامت بالمشاركة في تظاهرة (مثليين) لإبداء تعاطفها مع قضيتهم و مطالبهم المشروعة ..واخيرا" ،يستنتج باتريك:  إن هذه هي إحصاءات مجتمع منحط وحضارة زائفة..

في العراق ، لم يعد مجتمعنا متماسكا ،بفعل ٣ حروب عالمية ضروس حدثت في الخليج خلال ٣ عقود ،واحدة من هذه الحروب استمرت ٨ سنوات على جبهة اكثر من ١٢٥٠كم ،اما حروبنا الداخلية سواء حرب الاكراد او الحرب ضد القاعدة و داعش و كل المجاميع الارهابية لم يتوقف يوم ،لهذا مجتمعنا معسكر و محشى بالحرب و العدو و الرصاص يعاني نقصا بشريا و صدمة حضارية في تقبل التعايش و السلام و المصالحة ...في ذات المسار ، تدهور الوضع الاقتصادي بفعل نفقات الحرب و عقد من سنين الحصار الجائر ، و انخفاض سعر النفط الذي هو المورد الاول ،دفع سريعا" نحو تفكك الاسرة و ازدياد معدل الجريمة و انتشار تجارة و تعاطي المخدرات ، ظهور تجارة الاعضاء و الادوية الفاسدة ، و بروز التخنث و العلاقات الجنسية المثلية ....بالرغم من ان مساحة العراق ضعف مساحة اليابان ،الا ان عديد سكان  اليابان اربع اضعاف سكان  العراق ،  ومع هذا تعاني اليابان نقص الموارد البشرية ، في حين يعاني العراق من البطالة و الفضائيين..

وفي الوقت ان التقدم التقني و الثورة العملاقة في مجال الاتصالات و الذكاء الصناعي ونظم السيطرة و الحاسوب و البرامجيات و الانسان الالي  مما وفر دور كثير من البشر ، مما يسد النقص السكني ، بل ان خبراء يتوقعون تزايد الدور العملي للربوت في الصناعة والزراعة والامن و الدفاع و الادارة و تقديم الخدمات، و اضطراد الابداع في مجال الذكاء الصناعي للادارة والسيطرة للربوت قد تتيح للانسان الالي الثورة على البشر ، و امتلاك زمام المبادرة والقيادة على الارض..

اللهم يسر لنا امرنا، و ثبت اقدامنا ،والهمنا صبرنا ،انك قدير عليم

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك